|
لقاء - عبدالرحمن المصيبيح
توالت التّهم والانتقادات على مكاتب الاستقدام في المملكة وتلقت هجوماً شديداً من المواطنين الذين طالت معاناتهم حول تأخر استقدام العمالة، ولكن السواد الأعظم من هؤلاء المواطنين يجهل المشاكل والمصاعب التي يواجهها المسؤولون في مكاتب الاستقدام من وزارة العمل ومكاتب العمل وبعض السفارات السعودية؛ وحرصاً من (الجزيرة) على التعرّف على جزء من معاناة أصحاب مكاتب الاستقدام فضَّل الأستاذ حماد بن محمد بن حماد العنيّق صاحب دار الرواد للاستقدام أن يفضفض عمَّا يجول في خاطره ويكشف المستور من خلال هذا اللقاء.. لعل وعسى أن تنتهي تلك المعاناة.
لماذا هذا الانطباع السيئ
عن مكاتب الاستقدام؟
ويستهل الأستاذ حماد حديثه وفيه شيء من التأثر فقال: لقد انتشرت في الآونة الأخيرة فكرة أن مكاتب الاستقدام في المملكة ما هي إلا واحات للاحتيال على المواطن واستغلاله ومماطلته، وأن هم القائمين عليها الأساسي يقتصر على الكسب المادي دون أيّ اعتبار لظروف العميل وحاجته الماسة للعامل، حيث يتساءل الأستاذ حماد قائلاً: من أين نشأت هذه الفكرة، ولماذا يتجاهل الكثير إن لم يكن الكل بأن مكتب الاستقدام الأهلي منشأة سعودية كغيرها من المنشآت وأن مالكها مواطن سعودي كأيّ مواطن ولكن الفرق أن مكتب الاستقدام يتعامل مع جهات متعددة العميل، العامل، الجهات الحكومية في المملكة وفي البلد المعني وكذلك المكاتب الخارجية في دول المنشأ، وكل جهة من هذه الجهات لديها من الأنظمة والتقلبات ما يكفي.
تأخر وصول العمالة
وأبرز الأستاذ حماد في حديثه أسباب تأخر وصول العمالة وما صاحبه من مكاتبات ومطالبات فقال: لقد تعرض الاستقدام من دولة إندونيسيا إلى عدة عقبات وتوالت المشاكل والأحداث منذ أكثر من ثمانية أشهر ابتداء بقرار الحكومة الإندونيسية إلزام المكاتب بتدريب العمالة وبخاصة الخدم مدداً تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أسابيع كشرط أساسي لتسفيرها إلى المملكة؛ وهذا الإجراء تسبب بتأخر تدفق العمالة مدة تصل إلى ثلاثة أشهر..
ثم طرأ جديد وهو المحادثات والمناقشات حول تخفيض تكاليف الاستقدام بين كل من اللجنة الوطنية للاستقدام في المملكة واتحاد العمالة الأندونيسي وتم الاتفاق على خفض الأسعار مما أدى إلى إحجام السماسرة عن إحضار الخدم إلى مكاتب الترحيل الإندونيسية كوسيلة للضغط عليهم لإعادة الأسعار كما كانت وهذه الحادثة تسببت بتأخير آخر..
وقبل الانتهاء من هذه المشكلة ظهرت قصة العاملة الإندونيسية في المملكة، والتي تناولتها وسائل الإعلام الإندونيسية بشكل مبالغ فيها وضخمت الحادثة لغاية وصولها إلى مشكلة تجاوزت كل المبادئ والحدود كونها حادثة فردية مما أدى إلى قلة توافد الخدم الراغبين العمل في المملكة حتى انخفض متوسط عدد الجوازات المقدمة إلى سفارة خادم الحرمين الشريفين من 1500 إلى 200 جواز يومياً، والقائمة تطول ولكن الملاحظ هو أن من يدفع الثمن هو مكتب الاستقدام الأهلي؛ فالمواطن يتجاهل كل هذه الظروف والمشاكل ويتناسى أو ينسى أن المكتب لا يمكنه حل مشكلة قائمة في بلد آخر، ولا يملك السلطة على الحكومات والشعوب لإنهاء معاملته..
ولا يلام في ذلك خصوصاً في حال أن جميع الجهات الحكومية المعنية في المملكة وعلى رأسها وزارة العمل تقف موقف المتفرج؛ فرغم العلم التام بكل ما يجري من أحداث إلا أنهم لم يحركوا ساكناً رغم المطالبات المستميتة من قبل مكاتب الاستقدام واستجدائهم للحصول على تعميم أو بيان من الوزارة يوضح أن التأخير الحاصل في الاستقدام خارج عن إرادة مكاتب الاستقدام الأهلية دون جدوى، ويغالطون الواقع أيضاً بإلقاء اللوم على مكاتب الاستقدام وكأنها الشماعة التي تعلق عليها كل شاردة وواردة.
تعاملت مع الوضع بجدية
والجهة الوحيدة التي تعاملت بجد مع الأزمة الراهنة هي اللجنة الوطنية للاستقدام، وأصدرت تصاريح وبيانات بهذا الخصوص، إلا أنه ولسوء الحظ لا يتم الاعتراف من قبل وزارة العمل بكل ما تصدره اللجنة رغم علم الوزارة واطلاعها الكامل على مجريات الأحداث.
وأخيراً التساؤل الذي يطرح نفسه: إلى متى تترك مكاتب الاستقدام ضحية تعصف بها الأحداث والمشاكل من جميع الجهات وتكون هي المسؤولة بكل الأحوال عن أيّ تأخير أو تدنٍ في مستوى العمالة؟.. ولماذا لا نرتقي بمستوى تعاملنا وننظر إلى ما يحدث من حولنا قبل إطلاق العنان لاتهاماتنا جزافاً وننظر لأساس المشكلة قبل مطالبة مكاتب الاستقدام بامتلاك عصا سحرية لتسخير كل العوائق بذريعة العقود الموقعة؟.
يخلون أنفسهم من المسؤولية
وعاتب الأستاذ حماد في حديثه بعض مسؤولي مكاتب العمل وتخليهم عن المسؤولية في حالة تأخير وصول العمالة من إحدى الدول.. ويجيب هؤلاء المسؤولون في مكاتب العمل أن الأمر لا يعنينا لا يهمنا.
وأجدها مناسبة طيبة لأطالب اللجنة الوطنية لحماية المكاتب والمواطن، لأن أصحاب هذه المكاتب مواطنون ومستثمرون، فعلى سبيل المثال صارت لنا مشكلة مع أحد مكاتب الاستقدام في إحدى الدول ووقف المسؤولون هنا موقف المتفرج، كنا نتوقع أن تتصرف السفارة وتقوم بإيقافه أو اتخاذ العقاب اللازم بدلاً من تسهيل مهمته في السفارة وتصديق أوراقه وكل شيء يخصه.
اللجنة الوطنية
بحاجة إلى دماء جديدة
وطالب الأستاذ حماد في لقائه ضرورة تجديد أعضاء اللجنة الوطنية للاستقدام ودعمها بقدرات شابة ومؤهلة تستطيع التعامل مع تلك الأحداث والمشاكل بمقدرة فائقة. وأقولها بكل صراحة اللجنة الوطنية تعتبر مدرسة يديرها أستاذ ويقوم بتسكيت الطلاب في حالة مناقشته، وهو لا يعلم أنه يتعامل مع رجال أعمال ذوي مكانة ومستوى وخبرة في هذا المجال مهيئين مهنياً وتعليمياً واجتماعياً واقتصادياً.
هناك اجتهادات للجنة ولكنها غير كافية ويجب أن ندعم اللجنة في حالة مفاوضتها مع الجانب الفلبيني أو الجانب الأندونيسي ويجب أن تكون مدعومة بممثل من وزارة العمل ومن وزارة الداخلية وشخص من وزارة الخارجية يمثل السفارة في الدولة التي نفاوض فيها لتتوفر القوة في المفاوض، ولا يكون موقفه ضعيف أثناء الحوار والمناقشة ولكن هذا لم يحدث، فللأسف ممثلو تلك الدول هم الذين يفرضون شروطهم علينا ويستفيدون اقتصادياً، حيث يعتبر تصدير العمالة للسعودية مصدراً أول للدخل.
والشيء الذي أحب أن أشير إليه أن وسائل الإعلام في تلك الدول مثل إندونيسيا يقومون بتضخيم الحالات الفردية التي تحصل للخادمات في المملكة، والسفارة السعودية في جاكرتا تقف موقف المتفرج؛ فكان الأجدر الرد على وسائل الإعلام الإندونيسية وتوضيح الحقائق، وتشير إلى أن هذه حالات فردية ولا تمثل السعودية عامة.. ويجب أن يكون هناك إعلامي في السفارة يتحدث لوسائل الإعلام الإندونيسية وتوضيح كل شيء ويزيل كل الاتهامات.
وطالب الأستاذ حماد بضرورة تفعيل دور لجنة الاستقدام ووزارة العمل، وهناك ثغرات مفقودة بين اللجنة الوطنية ووزارة العمل ممثلة في مكتب العمل والسفارات الخارجية التي يجب أن يكون لها دور خاصة في عملية تحديد الأسعار ويكون هناك آلية لهذا الشأن.
وعزا سبب رفع أسعار الخادمات وجود وكلاء كثر في المملكة لمكاتب إندونيسية في جاكرتا، حيث إن كل مكتب في إندونيسيا لديه ما يزيد عن 70 إلى 80 مكتباً في المملكة وهذا الذي يرفع السعر، لذا يجب تحديد عدد الوكلاء ولا يزيد عن خمسة أو أربعة وكلاء حتى يكون لنا هيبة وحفظ حقوقنا لأنه في حالة ارتباطه مع مكتب الاستقدام السعودي لا يستطيع فسخ العقد إلا في حالة أراد مكتب سادس لابد من حضور مخالصة من وكيل سعودي، فبالتالي تستطيع السفارة السيطرة وكذلك مكاتب الاستقدام.
وأتمنى أن تحل مشكلة تهريب الخادمات، خاصة في هذه الأيام يكثر الطلب على الخادمات والتركيز على التعاون مع مبلغين عن الهاربات من الخادمات وإعطائهم مقابل ذلك مبالغ يدفعها المهرب المتستر على الخادمة.. وبهذا نستطيع الحدّ من تلك المشكلة وهي هروب الخادمات وكذلك استخدام التشهير في وسائل الإعلام.
وتمنى الأستاذ حماد من وزارة الخارجية القيام بزيارات وجولات تفتيشية على المكاتب الخاصة بالاستقدام في السفارات السعودية ومعاقبة الموظف المهمل والمقصر ومن يثبت علاقته بمكاتب الاستقدام في تلك الدول.. كما نناشد المسؤولين هنا في المملكة بمتابعة مكاتب الاستقدام في مختلف المناطق والتأكد من سير عملها وأصحابها الأساسيين ضماناً لسير العمل وإثبات حقوق الناس من أجل القضاء على تأجير الخادمات وقضية التلاعب.