إهداء إلى الأخ الكريم فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس إمام الحرم الشريف.
لمَّا سمعتُك تالياً للمُصْحفِ
أَحْسَسْتَ أنَّ الكونَ أصبح مِعْطَفي
وشَعَرْتُ أنَّ الأُفْق أصبح دُرَّةً
بيضاءَ، تمنحني بياضَ الأحْرُفِ
وشعرتُ أنَّ الأرضَ صارتْ واحةً
خضراءَ تمْنَحني جناحَ مُرَفْرِفِ
لمَّا سمعتُكَ تالياً مُسْترسِلاً
جَدَّدْتُ معرفتي، كأنْ لم أعْرِفِ
كانتْ تلاوتُكَ المزاميرَ التي
مُنِحَتْ لداودَ النبيِّ الأشْرَفِ
إيقاعُ صوتِك في مسامع مُهجتي
إيقاعُ صوتِ الماءِ للمتلهِّفِ
لمَّا سَرَتْ فيَّ التلاوةُ خِلْتُني
لم تَبْقَ عينٌ في دمي لم تَذْرفِ
حتى شراييني سمعتُ بُكاءَها
نَبْضاً زكيَّ اللَّحْنِ لم يتوقَّفِ
لمَّا سمعتُك تالياً أبْصَرتُني
فَوْقَ الكواكب من جَلالِ الموقفِ
ورأيتُ مكَّةَ لوحةً مرسومةً
تَسبي فؤادَ المنْصِتِ المتشوِّفِ
بطحاؤها، وجبالُها وصخورها
إحساسُ مشتاقٍ، ونَظْرةُ مُحْتفي
يا تاليَ القرآن في شهر الهُدى
والخيرِ، رَتِّلْ ما استَطَعْتَ وشَنِّفِ
رَتِّلْ، فما في الجسم عِرْقٌ نابضٌ
إلا وقد أصْغى بسمعٍ مُرْهَفِ
ما أجملَ القرآنَ يُتْلى صافياً
عَذْباً نقيَّ الحَرْفِ دون تَكَلُّفِ
لمَّا سمعتُك تالياً أحْسَسْتُني
في الرَّوضِ، أقطِفُ منه ما لم أقْطِفِ
إني لأسمعُ في معالمِ لَهْفتي
هَمْساً يُزيل مخاوفَ المتخوِّفِ
هَمْساً يقول لكلِّ قلبٍ خافقٍ
متطلِّع للوحي قَوْلةَ مُنْصِفِ:
متِّع فؤادَك بالكتابِ وآيهِ
فالْمُتْعةُ الكُبْرى تِلاوةُ مُصْحَفِ