أتابع شغف حراكنا الإعـلامي بحثاً عن معلومة جديدة تنمي ذاكرتي الأدبيــة، لكتابة نص إبداعي ومحاورة مَن أجد قبولاً لمنتجه الأدبي.
منذ أيام جاء سؤال عبر رسالة هاتف نقال يقول: (عاجل طاب مساؤك هل مر بك كتاب عن الحركة الأدبية السعودية أو الحركة الأدبية النسائية ومن مؤلفه، تحاياي) فكان ردي: (تحياتي/ كثر وأهمها كتاب الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية للدكتور بكري شيخ أمين وكتاب الأدب الحديث تاريخ ودراسات للدكتور محمد بن سعد بن حسين وكتاب دراسات في الأدب العربي على مر العصور مع بحث خاص بالأدب العربي السعودي الحديث للدكتور عمر الطيب الساسي وأخيراً موسوعة الأدب العربي السعودي الحديث نصوص مختارة ودراسات للدكتور منصور الحازمي وآخرين، لك خالص الود).
سبب العودة لهذه الرسالة خبر عن مشاركتنا في معرض كتاب بدولة أوروبية وتسنم ثلاث شخصيات ثقافية عامة الحديث في ندوة عن الأدب في المملكة العربية السعودية، إذ تحدث كل مشارك حسب اجتهاده إعلامياً عن الحراك الأدبي.
من هنا وأنا أعيد قراءة الخبر جاء العنوان ذاكرة الأسماء فقد اختفت النصوص من منصة المشاركة وجاء الحديث عن أسماء التقطها المتحدث من خلال الأصدقاء فلم نجد الرصد النقدي الأدبي العلمي، إذ اثنان من أعضاء الندوة أساتذة في الجامعة والثالث قرابته الاجتماعية جعلته رقماً ثابتاً في الندوات الثقافية رغم فراغ الوعاء.
المهم كلنا نعرف أن الناقد الأدبي كاتب عمله تميز العمل الأدبي جيده من رديئه وصحيحه من زيفه من هنا وخلال ثلاثة عقود فقدنا الزمن الإبداعي ومعه أضاع من يقول إنه ناقد أدبي تضاريس هذا الزمن ففر بضاعته المزجاة إلى تكرار أسماء التقطها من ذاكرته، عرف أن هناك من تحدث معهم ليدعي الشراكة ومن هنا توقفنا عن دراسات محوناها من ذاكرة الأسماء تعالج الواقع برؤية فنية.
تفرز عناصر السلب والإيجاب وهو ما تنكر له أساتذة الجامعات المتخصصين في النقد والبلاغة والأدب العربي فدراستهم قائمة على مصادر منحتهم مفاتيح الكتابة ولم تنمِ في تجربتهم المعالجة لنص حديث قائم على القهر الاجتماعي والاقتصادي مضمونه استغلال الإنسان للإنسان، إذ لا يملك وعي الاكتشاف فهو حبيس السياق المعرفي الذي شكله علمياً وأسسه نظرياً في قالب تطبيق المذهب النقدي الذي يركض في ممراته معصوب العينين على أسماء التصق بها.
وليس على نصوص تتعبه بما تندس بين السطور كقيم ومضامين وقضايا، فالبناء الفني هنا مرتبة أسهل وإن كانت إعلامياً تنسى مع الوقت أستطيع إعادتها مع أسماء أخرى أو في أهاب تلك الأسماء، فالذاكرة تحفظ الأسماء ويرهقها البحث الجاد الذي معه ينحسر الوهج الإعلامي الذي احتاجه بعد أن ينتهي دوري كمعلم صبيان.
كان النقد الأدبي اعتدناه منذ عقود خمسة بجرأته النادرة التقاطه الذكي لمضامين النص وبلاغته وبناء الجملة الذي يجعله متفرداً وخالداً بسبب طبيعته القاسية التي ترعرع فيها وفي الشؤون التي خبرها وارتادها مدفوعاً بالمغامرة مما بارك تربعه في مقاعد ساحة الثقافة والأدب التي يتطاول عليها اليوم من لا يعرف الالتزام المعرفي والمنهجي والمنفصل عن الواقع والمثقل بالتنظير المزيف.
من هنا جاء النقد الأدبي في دراسات جامعية ينتهي وهجها بعد المناقشة ومقالات صحفية ومشاركات خداج منبرية في محافل ثقافية نكتفي بخبر صحفي عنها لنتذكر إننا نركض في ساحة لم تعد تتوهج بالضوء المعرفي والوعي المستظل علائق ووشائج دقيقة ظاهرة وخفية على مستوى الرؤيا العامة أو على مستوى اللغة والصورة والتركيب والسرد تحمل مفارقات الواقع وتحولاته وأسراره فمن يسعى للكتابة لا يملك أيديولوجية ومن هنا فقدنا دلالات الرؤيا النقدية، إذ إن من يقف أمامنا يتحدث وحضرنا لنسمع ما يقول لم يقل شيئاً.