يقدم مسلسل طاش ماطاش الرمضاني نفسه للمشـــاهدين بشخصـياتــه المألوفة ومضمونه المتنوع والمكرر أحيانا مدشنا عامه الثامن عشر بعد مسيرة عطاء طويلة ظل خلالها المسلسل الأكثر إثارة للجدل في أوساط المجتمع المحلي. واجه حملات متواصلة بلغت في بعض مراحلها حد الشراسة والعنف في النقد وشحن الرأي العام ضده، برغم ذلك ظل المسلسل السعودي الأكثر شهرة في الوطن العربي حتى أنك تفاجأ حين تسافر إلى أي دولة عربية بمعرفتهم بالمسلسل ربما أكثر من السعوديين، وكسب طاش الشهرة والانتشار والمتابعة حتى من معارضيه وبعض محاربيه بسبب جرأته وتحريكه للمياه الراكدة وضربه على الأوتار الحساسة والمثيرة لفزع البعض وتعزيزه لحراك مؤسسات الدولة لتحسين أدائها ولحراك المجتمع للقضاء على السلبيات الكثيرة المحيطة بحياته والمؤثرة على تعاملاته. صحيح أن للثنائي القصبي والسدحان وفريق عملهم بعض الهفوات لكن الأخطاء جزء من العمل فمن يعمل يخطئ لأن الخطأ من سمات العمل البشري.
في هذا العام ومع بداية البث الساخن للمسلسل بحلقة التعايش عادت شراسة الحملة عليه من جديد وقاد الداعية محمد العريفي المتميز بحضوره الطاغي في قنوات الفضاء الحملة ودعا إلى مقاطعة المسلسل من فوق منبره الوثير في قناة دبي الفضائية ومقاطعة قناة «m.b.c» التي تبث البرنامج واستثمر العريفي بذكاء غير مهني الموقف لصالحه فأشاد ببرنامجه وأنه السبب في تزايد أعداد المتابعين لقناة دبي وألمح إلى أن قناة «m.b.c» ستخسر إذا استمر عرض طاش وبرر دعوته للمقاطعة بتلقيه لكمية كبيرة من الرسائل طالبته بالرد على ماورد في الحلقة ولأنه كما قال: لا يتابع المسلسل فقد بحث عن بعض مقاطع الحلقة في اليوتيوب فوجدها تستهزئ بالدين وأهله وخاصة مشهد الجمارك الشرعية والسماح لمن تدل مظاهرهم على التدين بالعبور وعدم السماح لغيرهم وحث الجميع على المقاطعة الفورية للمسلسل وحذف القناة من جهاز الاستقبال.
ليس دفاعا عن المسلسل لكنه في حلقة التعايش وفي حلقات أعوام سابقة نقد سلوكيات غير مقبولة لأشخاص محسوبين على الدين ولم ينتقد الدين وثوابته لأن الدين الإسلامي ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في مستوى القداسة أما ماعداهم من البشر فليسوا فوق مستوى النقد ولا يمكن طرح رداء القداسة عليهم وتزكيتهم من الوقوع في الخطأ والزلل والتغاضي عن هفواتهم وخاصة في وقتنا الحاضر بعد أن اختلطت الأوراق ولم نعد نفرق بين الصادق والكاذب.
أعتقد أن الشيخ محمد العريفي لا ينكر أن هناك فئة من المتشددين يحكمون على الناس من أشكالهم ومظاهرهم الخارجية, ويعرف أن قصة قاضي المدينة صحيحة وليست ملفقة، ثم ماذا سيقول فضيلته عن تقصير إمام أو مؤذن في أداء واجباتهم وإهمالهم لمساجدهم, وبماذا يرد على واعظ يقذف الناس ويشكك في نواياهم وذممهم؟ هذه بعض الصور التي يعرضها طاش منذ ظهوره وأسهمت في القضاء على بعض مظاهر الحماس والاندفاع باسم الدين والتسلط، حلقة التعايش انطلقت من هدف نبيل بدعوتها للتسامح والتصالح بين التيارات الفكرية واحترام الرأي الآخر.
هل الدعوة للمقاطعة منطقية ومجدية؟ وهل يغيب عن بال فضيلته أننا في عصر انفتاح يمكن الحصول على المعلومات والصور والمقاطع في ثواني من خلال تقنيات اليوتيوب والبرود كاست؟.
انقدوا المسلسل فهو ليس فوق مستوى النقد لكن اتركوه يؤدي رسالته فهو نافذة من نوافذ التعبير عن همومنا اليومية.
shlash2010@hotmail.com