لا أختلف مع من ينادي بتقديم دراما ومسـابقات وبرامج منوعة, ولا من يطلب من القنـــوات الفضائية زيادة مساحة البرامج الترفيهية كي توفر الحد الأدنى من الاستمتاع وقضاء وقت مبهج ومفيد مع العائلة على امتداد أوقات الذروة الرمضانية من الإفطار إلى السحور وتحديدا على مائدة الإفطار وقت التفاف أفراد العائلة وتحلقهم أمام الشاشة بشرط أن تحمل الدراما والبرامج المنوعة في محتواها المادة المفيدة والمضمون الذي يرتقي للذوق العام ويتماشى مع المناسبة العظيمة وهي مناسبة لها برامجها التي تصطبغ بطابعها وتقدم في قالب يعبر بصدق عنها دون إسفاف أو مبالغة.
في بعض برامج رمضان صار لكل مشهد ومقطع هزة ورقصة وتحولت بعض البرامج من بدايتها حتى نهايتها لهز وسط ورقص وتكسير للأجساد تستثير الغرائز النائمة في شهر سباتها وتخدش حرمة الشهر الفضيل, وما تعرضه مريام فارس في فوازيرها في قناة فنون من رقص وهز وسط وإغراء لا يمكن مشاهدته حتى في الأيام العادية ناهيك عن شهر رمضان وقدسيته وفضله وكان بالإمكان تقديم هذه الفوازير بأسلوب أكثر قبولا لدى عقلاء المشاهدين لو أحسن المعدّون الاختيار إلا إذا كان هدفهم جذب ذوي العقول المراهقة وجني الأموال دون إقامة وزن لروحانية الشهر وخصوصيته.
وفي نفس القناة تطل حليمة بولند على عشاقها التي تتخيل -هي وليس أنا- أنهم ينتظمون في العالم العربي من خليجه إلى محيطه وربما يشطح بها خيالها الخصب فتعتقد أن كل سكان الكرة الأرضية يتابعونها وهي تقدم برنامجها حليمة بارك الذي تحول من برنامج مسابقات يستضاف فيه الفنانون العرب كنوع من التغيير واستخفاف الدم إلى برنامج ثقالة دم وضحكات هستيرية وحركات ماسخة واستعراض للأزياء وتغييرها على مدار الثانية في لقطات أكشن لافتة ولبسها بطريقة تصل إلى حد التفسخ والتعري ولا يهونون بعض الضيفات اللي فاتحينها على الآخر بملابس تعرض مافوق الركب بصورة لا تشاهد ولا في أفلام الإغراء.
عرضت هذين النموذجين من ضمن نماذج أخرى لا تقل كثيرا في مستوى الإسفاف عن هذين البرنامجين ولكن مسابقات حليمة وفوازير مريام فاقا ماعداهما وتجاوزا خصوصيات الشهر بصورة غير مقبولة وخاصة أن أكثر من يتابعهما المراهقون والأطفال.
نجحت بعض القنوات في تقديم مسلسلات ومسابقات وبرامج متوازنة ومقبولة واستمر مسلسل «طاش ما طاش» في كسب جمهور كبير جدا من المشاهدين في حلقات بعضها تركز على قضايا اجتماعية هامة وطرح مسلسل «الفلتة» نفسة بقوة بطابعه الكوميدي الجاد وعرضه لحقبة زمنية هامة من أيام الزمن الجميل في منطقة الخليج وتحديدا في دولة الكويت الشقيقة وبما يعرف الأجيال الحالية بطبيعة الناس وبساطة معيشتهم وهدوء الحياة وإغفاءة العيون في ساعات مبكرة من الليل ونجح الفنان المبدع والمتوازن طارق العلي وبقية الممثلين الموهوبين الشباب في تقديم كوميديا موقف لافتة تعتمد على الحركة والنكات التلقائية.
لست ملاكا ولا أزكي نفسي عندما أنتقد مثل هذه الأعمال المبتذلة المعدة لرمضان التي تحاصرنا في كل شبر من بيوتنا ولكني أستدرّ الحد الأدنى من الذوق مع رمضان فالكمّ الكبير غير المحتشم من الأعمال يفسد علينا متعة التلذّذ بطعم رمضان الشهي وقطرات قليلة من هذا الغثاء تفسده وتعكر صفو إناء رمضان النقي.
shlash2010@hotmail.com