مصادقة النظام الطاجكستاني على قانون حظر دخول المساجد على من هم دون الثامنة عشر؛ خوفاً من تنامي التشدد الديني - أمر في غاية في الغرابة، وفي غاية البعد عن الحكمة، والشعور بالمسؤولية، كون هذه الدولة المسلمة التي يدين شعبها بالإسلام،
وعرف عن رئيسها التمسك بدينه، والمحافظة على هويته الإسلامية رغم عمليات التذويب القسرية التي تعرض لها مع سائر الشعوب الإسلامية عندما كانت داخل الستار الحديدي إبان الحكم الشيوعي الذي دام حوالي سبعين عاماً ضمن منظومة الاتحاد السوفيتي.
إن مثل هذه القرارات سيكون من أهم أسباب تنامي التطرف الديني، وتوسيع الهوة بين الراعي والرعية. فالآباء الذين حافظوا على دينهم إبان العهد الشيوعي لن يتخلوا عنه بمثل هذا القرار، ولن يحرموا أبناءهم تعلم دينهم، وإن تلقى الناشئة الفقه بدينهم، وبأخلاقيات إسلامهم في المساجد والجوامع عبر حلقات الدروس المفتوحة وخطب الجمعة العامة مع سائر الناس هو الذي يقيهم من التطرف، ويسير بهم في طريق الاعتدال، لأنهم سيسمعون الأفكار علانية، ويسمعون مناقشتها، والآراء حولها، فينشأ من ذلك عقل مفكر، وفرد يقبل الآخر، ويعتاد التعايش معه.
لقد ثبت من الوقائع المشاهدة في العشرين سنة الأخيرة منذ انهيار منظومة المعسكر الشرقي الشيوعي الاشتراكي الذي كان يضم الاتحاد السوفيتي، وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا، ورومانيا، ويوغسلافيا وغيرها من دول أوروبا الشرقية، ثبت أنه لا يمكن فرض العقائد والأفكار على الناس بالقوة، وبالقوانين، فبعد كل محاولات طمس هويات الشعوب وعقائدهم التي مارستها الشيوعي بكل أشكالها الماركسية والماوية، بقيت تلك الشعوب متمسكة بهوياتها القومية، ودياناتها الإسلامية والمسيحية.
وكل القوانين العلمانية وانقلابات العسكر في تركيا لدرجة إعدام رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس لأنه أعاد الأذان باللغة العربية، وقد كان القانون ألزم المؤذنين برفع الأذان مترجماً إلى اللغة التركية، وتكررت الانقلابات مرة بعد أخرى، لمنع تنامي الشعور الديني في تركيا، ولكنها فشلت جميعاً، ووصل إلى الحكم حزب العدالة والتنمية على يد خريجي مدارس الأئمة والخطباء الدينية.
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته (وإمام علي حمانوف) بهذا القانون يعيد شعبه إلى عهد الستار الحديدي، والاستبداد الشيوعي بدلاً من أن يقدم لشباب رعيته وأبنائه الناشئين من شعبه برامج تربية إسلامية واعية تقوم على الوسطية والاعتدال.
إن مثل هذا القرار يدفع الشعب إلى التطرف دفعاً، فهل يتراجع النظام قبل أن يقع الفأس بالرأس، -كما يقول المثل-؟!