بالرغم من تفاقم مشكلة الديون الأوربية وتباطؤ النمو الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية المتزامن مع خفض التصنيف الائتماني لأمريكا واستمرار ضعف الدولار وارتفاع سعر الذهب في الأسواق العالمية, ارتفت أسعار البترول في الأسبوع الماضي بعد الانخفاض المفاجئ في بداية الشهر ومخالفةً لتوقعات استمرار انخفاض الأسعار وذلك كدلالة قوية على تجاوز العالم الحالة النفسية الاقتصادية السلبية التي تبعت خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية.
ارتفعت الأسعار مجدداً إلى المعدلات المفضلة لدى الكثير من الدول المنتجة للبترول حيث وصل سعر نفط برنت إلى 109 دولارات للبرميل وسعر نفط سلة أوبك إلى 105 دولارات للبرميل وبنفس معدل انخفاضه في بداية هذا الشهر حيث كاد أن يلامس سعر برنت الـ 100 دولار للبرميل ليصل إلى أدنى سعر له خلال الخمسة شهور الماضية.الحقيقة أن الكثير من المتابعين لأسواق البترول العالمية توقعوا استمرار انخفاض سعر البترول حتى نهاية هذا الشهر, ولكن السعر فاجأ الجميع بالارتفاع مجدداً ربما كردة فعل لبعض التصريحات الإيجابية لبعض المسؤولين في منظمة أوبك وتحييد تأثير توقف إنتاج البترول الليبي حيث نجحت دول منظمة أوبك في هذا الشأن بمعدل 100%, مع استمرار ضعف الدولار وارتفاع ثقة العالم بالاتحاد الأوروبي واحتمالية نجاحه في حل مشكلة بعض ديون دوله بدءاً بديون إيطاليا ورجوع ثقة العالم بالولايات المتحدة الأمريكية واقتصادها القوي كما ذكرت في مقال الأسبوع الماضي حيث استمر الطلب على السندات الأمريكية كدلالة واضحة على استعادة الولايات المتحدة الأمريكية لثقة المستثمرين.
نجد هذا التفاؤل موجود أيضاً في بعض التقارير الاقتصادية البترولية الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية التي وبالرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي في عام 2011م, أشارت إلى ارتفاع الطلب على البترول في عام 2012م بمعدل مليون وستمائة برميل في اليوم مقارنة بمعدلات الطلب المتوقعة في عام 2011م بالإضافة إلى توقعات بعض المؤسسات الاقتصادية العالمية ذات التأثير المباشر على الحالة النفسية لقطاع الطاقة العالمي بوصول سعر البترول إلى معدلات عالية جداً بنهاية هذه السنة. ذكر تقرير أوبك النفطي الشهري أيضاً توقعات المنظمة بارتفاع الطلب العالمي على البترول في عام 2012م بمعدل مليون ومئتي برميل في اليوم مقارنة بعام 2011م مما يعطي السوق بعض التفاؤل والثقة.
الحقيقة أن انخفاض الأسعار ورجوعها إلى معدلاتها العالية السابقة في وقت قصير جداً يدل على مدى تقلب السوق البترولية وصعوبة التنبؤ بالمستقبل مما يضع هذه السوق تحت الضغوط النفسية خاصة لفئة المضاربين, كما يضع أيضاً صعوبات مالية على الدول التي تعتمد اعتماداً كلياً على سعر بيع البترول مما يحتم عليها وضع إستراتيجية متعددة ومرنة وشاملة لجميع الاحتمالات.
www.saudienergy.net