«مدارات في الثقافة والأدب» كتاب للدكتور عبد العزيز المقالح تضمن عددا من المقالات تناولت قضايا ثقافية وأدبية متنوعة.. كتبها الدكتور المقالح بسلاسة ممتعة..
يقول المقالح عن الشعر: في العصر الحديث تكاثرت التعريفات شعراً ونثراً.. إلى درجة يحتاج استيعابها إلى مجلدات ومن البدايات التعريف الذائع الصيت لأحمد شوقي عن الشعر بوصفه عاطفة ومصدر ذكرياته:
والشعر إن لم يكن ذكرى وعاطفة
فإنما هو تقطيع وأوزان
والشعر عند عبد الرحمن شكري وجدان أو تعبير عن الوجدان
ألا يا طائر الفردوس
إن الشعر وجدان
***
وتحت عنوان: الإبداع والتمرد.. يقول د. المقالح:
الإبداع تمرد والشعر أعلى أشكال التمرد في نطاق الإبداع ولكنه تمرد محكوم بضوابط وقواعد لغوية لا يمكن تجاوزها أو الخروج عليها وتمرد الإبداع الشعري بأشكاله المختلفة هو الذي أعطاه هذا النوع من التنوع الثري وحماه من سيطرة الرتابة والتشابه وما يصدر عنها من تكرار وغياب للفروقات النوعية التي تمايز ما بين الشعراء الكبار وعصورهم وتجعل لكل شاعر خصوصية ولكل عصر ذائقته.
***
وتحت عنوان «مدار الرواية» قال د. المقالح:
قرأت في مطبوعة عربية حديثا لشاعرة عربية فاضلة تقول فيه إن الرواية «فن غربي» وهي ديوان شعوب أخرى سبقتنا إلى هذا الفن، وأحسست تجاه هذا القول المطلق على عواهنه أن الجهد النقدي الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن والذي يؤكد به أصحابه وهم من ذوي الخبرة بالأدب والاطلاع الحسن على التراث أن الرواية فن عربي أصيل لا دخيل، أقول لقد بدا لي ذلك الجهد النقدي العظيم وكأنه قد ذهب سدى وأن جامعاتنا لم تستطع أن تصل بالمعلومات التاريخية الصحيحة إلى طلابها وطالباتها الذين أصبح منهم شعراء كبار وروائيون كبار.. لذلك وجدتني في حالة تحفظ للرد على ما ذهبت إليه تلك الشاعرة من قول يخلو كلية من الصحة. إذ تكذبه الشواهد الدامغة من الأدب العربي القديم والحديث.
الرواية الفنية المعاصرة جاءت من الغرب قول صحيح لكن هذا لا يعني أن فن الرواية مستورد من الأساس وأن التجديد في الشعر وأساليبه لم يكن قد بدأ مبكراً في العواصم العربية في أثناء ازدهارها حضارياً وثقافيا وأن الشعر لم يشهد أشكالاً مستحدثة ونافرة.