|
بقلم - جيف داير وهال غريغرسون وكلايتون كريستنسن (*):
نشرت «فوربس» (Forbes) الشهر الماضي قائمةً بأسماء أكثر شركات العالم ابتكاراً. فما عساه يكون السبب الذي يجعل العلاوات الابتكارية لبعض الشركات أعلى الشركات الأخرى؟ في خلال السنوات الثماني التي قضيناها في إعداد بحثنا، أدركنا أنّ التحرّكات اليومية للمسؤول هي بالنسبة إلى فريقه أقوى دليل على أنّ الابتكار مهم فعلاً.
وفي تواصلنا مع عشرات كبار المسؤولين التنفيذيين في المؤسسات الكبرى، اتضح لنا أنّ هؤلاء بأكثرية الحالات، لم يشعروا بأنهم مسؤولون شخصياً عن التوصل إلى الابتكارات، إنما شعروا فقط أنهم مسؤولون عن «تسهيل العملية»، والحرص على أن يتولى شخص آخر داخل الشركة القيام بذلك. ولكن، في أكثر الشركات ابتكاراً في العالم، لا يقتصر دور كبار المسؤولين التنفيذيين على غرار جيف بيزوس («أمازون» (Amazon) ومارك بينيوف (salesforce.com) وأي جي لافلي («بروكتر أند غامبل» (Procter الجزيرة Gamble) على تفويض مسألة الابتكار، بل يتعداها للتوغل عميقاً في العملية. وإنّ أداء «آبل» (Apple) بإدارة ستيف جوبس هو خير الأمثلة في هذا الصدد. ففي خلال ولاية جوبس الأولى في «آبل»، أي قبل أن يصبح رئيساً تنفيذياً، بين 1976 و1985، شارك هذا الأخير شخصياً في عملية الابتكار وساعد الشركة على بلوغ علاوة ابتكار بنسبة 37% ضمن تقييم التركيبة الجينية للمبتكر. (وإشارة إلى أنّ تقييمنا يقيس المهارات الخمس التي يتميّز بها المبتكرون غير الاعتياديين: التشكيك والمراقبة والعلاقات والقيام باختبارات والتفكير الترابطي).
وفي أثناء زيارته لشركة «زيروكس» (Xerox) المجاورة لـ»مركز باولو التو» للأبحاث Palo Alto Research)) عام 1979، وقع جوبس على بعض الأفكار المهمة لحاسوبه من طراز «ماكينتوش» (Macintosh) (الفأرة وواجهة المستخدم الرسومية). فبعد اطلاعه على «واجهة مستخدم رسومية بدائية»، تذكر جوبس بأنّ «ما رأيناه كان نموذجاً غير مكتمل وتشوبه الأخطاء، ولكن نواة الفكرة كان موجوداً. وفي غضون عشر دقائق، اتضح لي بأنّ كلّ الحواسيب ستعمل بهذه الطريقة يوماً ما».
وقد أثارت هذه المسألة اهتمام جوبس لدرجة حملته على القيام وكامل فريق البرمجة خاصته بجولة داخل «بارك» (PARC) والعودة بعدها إلى «آبل» بغرض الانكباب على تطوير حاسوب شخصي مُعدّ ومُحسّن بحسب التقنيات التي تعرّف إليها وفريقه. وعليه، جمع جوبس لفيفاً من المهندسين اللامعين وزوّدهم بما يحتاجونه من موارد وغذّى فريق «ماكينتوش» بأفكار وتصورات يمكن إنجازها. هذا ما كان ليفعله أي مسؤولٍ يتمتع بروح الابتكار.
والجدير ذكره أنّه ينبغي على كبار المسؤولين التنفيذيين قيادة مهمة الابتكار عن طريق إدراك كيفية سير هذه العملية، وتحسين مهارات الاكتشاف لديهم، وتعزيز قدرتهم على تطوير ابتكار الآخرين. كما ينبغي عليهم أيضاً أن يضمّوا إلى مؤسساتهم ما يكفي من المبتكرين الذين يستندون في عملهم إلى الاكتشاف من أجل تحويل الابتكار إلى لعبة فريق تُترجم إلى علاوات ابتكار مستدامة وملموسة.
(جفري داير هو أستاذ في الاستراتيجيات لدى كلية «ماريوت» (Mariott School) في جامعة «بريغهام يونغ» (Brigham Young University)؛ وهال غريغرسون هو أستاذ في مجال القيادة لدى «المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال» (INSEAD)؛ وكلايتون كريستنسن هو أستاذ في مجال إدارة الأعمال لدى كلية الأعمال التابعة لجامعة «هارفرد» (Harvard Business School) وأبرز المراجع في العالم في ما يتعلق بالابتكار غير الاعتيادي. وقد شاركوا جميعاً في تأليف كتاب « Innovator’s DNA» أو (التركيبة الجينية للمبتكر»).