الحظ العاثر للسيد»إيرمان جوسمان»رئيس المجلس الإقليمي النيابي الإندونيسي جعله محل انتقادات لاذعة في الصحف ووسائل الإعلام الإندونيسية منذ «إلقائه»الأربعاء الماضي خطاباً أمام رئيس البلاد, بمناسبة الذكرى السنوية السادسة والستين للاستقلال!!.
الانتقادات ليست بسبب فحوى الخطاب, ولكن بسبب تلك الأموال التي أنفقت لإعداد هذا الخطاب، والتكاليف التي صرفت لأجل ذلك..!! فقد كشفت صحيفة «جاكرتا بوست» النقاب عن إنفاقه «170 مليون روبية» أي ما يعادل «19890 دولار» لإعداد الخطاب..!.
وقد «صرخ» بعض النواب أليس بإمكانه أن يلقيه «مجاناً»بدل حجز» 30 غرفة» في فندق «انترناشيونال هوتيل»للأعضاء ,و ثلاث غرف لعقد الاجتماعات, ومركزا لخدمة رجال الأعمال لمدة» 16 ساعة»!!.
طبعاً أمثال «جوسمان» في العالم الثالث كثر, ممن همه إسماع صوته الشجي لرئيسه أو مديره بالنغمة التي يحبها دون اكتراث للواقع، أو خوف من الله تجاه ما يصرف، في ظل غياب قانون رادع ورقابة صارمة، يعني «حاميها حراميها» ,فبدل ما يحاسب المجلس النيابي ورئيسه المتلاعبين «بالمال العام» أصبح هو من يبذر في صرفه!!.
«المال العام» في معظم دول العالم يتعرض لعمليات «سرقة أنيقة» تتمثل في المبالغة في تكاليف «الانتدابات» و»سكن الوفود» للقطاعات المختلفة للوزارات والمؤسسات الحكومية، بل إن الأسعار والعروض المقدمة لتلك الوزارات والمؤسسات في منطقتنا تدعو «للضحك», فبدلاً من تخفيضها لكونها «زبون دائم» ومستمر لدى هذه الفنادق والشركات الموردة، يتم تبديلها بحجة تأخر الصرف والاعتمادات إضافة إلى ما قد يقدم على شكل «هبات « أو «هدايا» لصغار وكبار الموظفين كل حسب مكانته وصلاحيته, والحمد لله أن تكاليف إعداد الخطابات لا تزال سراً لدينا...الخ.
الفساد وسرقة المال العام غير مرتبط بمؤهل الموظف العلمي أو درجته الوظيفية سواء كانت متدنية أو مرموقة، فالسيد «الحرامي الأنيق» تتغير صور»سرقته» حسب مكانته الوظيفية وظروف وطرق تبذير المال، حتى أنك ترى في المصالح الحكومية لجنة تشكل للتخفيف من هدر المال, بينما مكافآت ونفقات أعضائها تكلف أضعاف ما ستوفره من هدر..!.
الأمانة والحفاظ على المال العام ومكتسبات المجتمع درس يجب أن يتعلمه الموظف الحكومي من أول يوم يلتحق فيه بوظيفته, مهما كانت درجة هذه الوظيفة وذلك عبر القسم الوظيفي، «المشروع» الذي سيكون من الجميل تطبيقه على جميع الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص في دولنا العربية والإسلامية وعدم قصره على وظائف ومراتب معينة, فهو يساعد على تنامي الشعور بأخلاقيات المهنة الوظيفية والخوف من الله.
فأداء «الموظف» للقسم وقت تعيينه، سيبقيه حافظاً ومتذكراً لهذا الوعد والقسم طوال حياته الوظيفية وسيساهم ويساعد في القضاء على الفساد المالي والإداري حتى لوكان بأمر من رؤسائه.
fahd.jleid@mbc.net