عبد الرحمن بن سعيد -رحمه الله- شخصية سيذكرها الأجيال القادمة، لا لأنه استطاع أن يؤسس أكثر الأندية السعودية شعبية (الهلال) أو على الأقل من أكثر الأندية السعودية شعبية.. إنه مؤسس شيخ الأندية (الشباب) الجيل القادم وبخاصة الموثّقون منهم سيذكر ابن سعيد أنه أحد الذين دفعوا ليس المال فقط رغم صعوبته وشحه في وقت مضى، بل إنه واجه المجتمع الذي كان يعيشه لأن الرياضة ليست ممنوعة على من حوله، بل تصل إلى حد العيب.. ولكن ابن سعيد لقناعته بصحة ونبل عمله واجه أقرب الناس إليه وواجه التحديات حتى استطاع أن يؤسس لأكثر الأندية شعبية إنه نادي القرن بأكبر قارة.

* أشياء كثيرة واجهت ابن سعيد كتبت عنها قبل ثلاث سنوات حينما طالبت إدارة الهلال بتكريمه لأنني كنت أعرف معاناته مع المرض، كنت أزوره بين الحين والآخر في مزرعته بالعمارية. قبل أكثر من ثلاثين عاماً في عام 1397هـ على ما أعتقد تشرّفت بالعمل عضو مجلس إدارة نادي الهلال تحت رئاسة سمو الأمير هذلول بن عبد العزيز في اجتماع الإدارة تحدثنا كثيراً عن ابتعاد الهلال عن البطولات ومنصات التتويج التي تعوّد عليها.. في الوقت الذي كان فيه النصر مسيطراً عليها وهو المنافس التقليدي للهلال، تحدثنا عن الأسباب وقرّرنا الحاجة الماسة لجمع اللاعبين في معسكر إعدادي قبل بدء الدوري، كان القرار السفر إلى حائل وبريدة للعب مباريات ودية مع الجبلين والرائد.. وكلّفني سمو رئيس نادي الهلال برئاسة الوفد.. ليلة السفر وقبل مغادرتي لمقر النادي دخل على مكتب سمو الرئيس الذي كنت متواجداً به استعداداً للسفر صباح الغد الأستاذ صالح الشنيفي وبرفقته طالب الثاني متوسط صالح النعيمة وبعد السلام والتحية قال لي الأستاذ صالح الشنيفي الإداري بالمدرسة المتوسطة التي يدرس بها صالح النعيمة (أستاذ عثمان أبو مساعد يسلّم عليك ويقول لك إن كان له حق عليك فخذ معك صالح النعيمة مع الفريق في هذه الرحلة)، نعم في ذلك الوقت لم أقابل عبد الرحمن بن سعيد شخصياً ومعرفتي به كمؤسس للنادي فقط.. كلمات محرجة من مؤسس النادي، حيث إن الوفد المسافر تمت الموافقة عليه من قبل رئيس النادي وتحدد عدد المسافرين للبعثة والتي كانت تضم فريق الطائرة والتنس.. الموقف كان محرجاً بالنسبة لي؛ فالطلب من مؤسس النادي وهو أول طلب منه لي شخصياً، فكرت للحظات هل أستأذن سمو رئيس النادي في هذا الوقت المتأخر جداً، حيث إن هناك من اللاعبين من تم الاعتذار لهم. ابن سعيد للتاريخ وللإيضاح أكثر خلال هذه الفترة لم يكن يزور النادي ولكن كان يتابع أخبار النادي ويدعمه، بل يبحث عن المواهب لتسجيلها وصالح النعيمة كان أحد هذه المواهب، بعد تفكير قليل والصالحان الشنيفي والنعيمة ينتظران الرد.. قلت الله يحييه.. النعيمة طلب مني مهاتفة والده - رحمه الله- لإبلاغه حاجة النادي إليه.

* هذه الروح عند ابن سعيد وغيره من أعضاء شرف نادي الهلال تظهر سر نجاح الهلال؛ فالجميع يعمل على بناء الهلال وإن اختلفوا.. أذكر الجميع أن نادي الهلال في تلك السنة استطاع العودة إلى منصات التتويج وتحقيق البطولات.

* الهلال مر بفترة عصيبة واجهتها إدارة نادي الهلال برئاسة سمو الأمير عبد الله بن ناصر رحمة الله عليه.. الجميع يتذكر الإيقافات التي حصل عليها لاعبو فريق الهلال ومنهم ذائع الصيت ريفالينو، إدارة الهلال قرّرت الاستقالة وتسليم النادي لرعاية الشباب.. كانت هناك مباراة للهلال مع نادي القادسية وفاز فيها الهلال بعد هذه المباراة رأيت من المناسب إقناع إدارة نادي الهلال بالتراجع عن هذا القرار والذي في الأخير ليس من مصلحة النادي، بعد المباراة المقامة في ملعب الملز تحدثت مع الأستاذ عبد الرحمن الدهام مدير مكتب رعاية الشباب بمنطقة الرياض عن فكرة إقناع الإدارة بالتراجع عن هذا القرار تحدثت معه عن أنسب الطرق.. اتفقنا على إقناع سمو الأمير محمد العبد الله الفيصل بالتدخل وهو في تلك الفترة كان أحد أعضاء شرف الهلال الداعمين اتفقت مع عبد الرحمن الدهام على لأن نلتقي الساعة العاشرة مساء بجريدة الجزيرة للتحرك لإقناع الإدارة بالتراجع، ذهبت بعد المباراة مباشرة لمقر النادي لألتقي بالموجودين من إدارة الهلال من أعضاء الشرف لمحاولة إقناعهم بأن مصلحة النادي بالتراجع عن تسليمه إلى رعاية الشباب، بعد الساعة العاشرة غادرت الجريدة لتأخر وصول الدهام والذي فسرته بعدم رغبته في محاولة إقناع إدارة الهلال بالتراجع.. بعد وصولي إلى منزلي في حي سلطانة وإذا بالزميل محمد العوام يتصل بي ويقول إن الدهام موجود لدي ويريدك فقلت له إنك تأخرت عن الموعد وأعتقدت أنك تراجعت عن بذل الجهد.. قال لا أرجوك لنفعل شيئاً..لا تيأس، اتفقت معه على أن نلتقي عند منزل عبد الرحمن بن سعيد في عليشة، هو ينطلق من مقر الجزيرة بالناصرية وأنا من منزلي في حي سلطان جنوب الرياض.. بعد عشر دقائق وفي تمام الساعة الحادية عشرة التقينا عند بيت أبو مساعد (عبد الرحمن بن سعيد) رحمه الله بعد أن فتح الحارس الباب قال إن أبو مساعد نائم.. قلت أبو عبد العزيز منزل سمو الأمير سعود بن ثنيان عضو مجلس إدارة نادي الهلال قريب من هنا فلنذهب ونحاول إقناعه.. فعلاً ذهبنا للأمير سعود واقنعناه واتفقنا للذهاب لمنزل سمو الأمير عبد الله بن ناصر رئيس نادي الهلال وتمت المناقشات والاتفاق على أن يؤجّل تقديم الاستقالة حتى لقاء سموه مع سمو الرئيس العام الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله- الدهام اتفق مع سمو رئيس نادي الهلال على أن يكون لدى ابن سعيد الساعة السادسة صباحاً قبل أن يذهب أبو مساعدتقديم الاستقالة الجماعية لإدارة الهلال الساعة الثامنة صباحاً لمكتب رعاية الشباب بالرياض.. وكان اللقاء الذي تم بين الأمير عبد الله بن ناصر رئيس نادي الهلال وسمو الرئيس العام رحمهما الله جميعاً وكان من نتائجه إقناع إدارة الهلال بالعدول عن الاستقالة الجماعية.

* في عصر يوم الخميس الذي اعتاد فيه أبو مساعد استقبال أصدقائه وضيوفه قمت بزيارته في منزله بحي البديعة بالرياض وأنا في طريقي إلى عملي بجريدة الجزيرة تحدث معي ابن سعيد عمّا كتب في جريدة الندوة عن إطلاق لقب شيخ الرياضيين وكان الزملاء في جريدة الندوة ينتقدون ما كتب عن إطلاق لقب شيخ الرياضيين على ابن سعيد وكان الزملاء في الندوة ذكروا أن ابن سعيد لا يستحق هذا اللقب وهناك من هو أحق منه بهذا اللقب..

من المؤكّد أن إدارة الهلال برئاسة سمو الأمير عبد الرحمن بن مساعد والتي طالبتها قبل ثلاث سنوات بتكريم ابن سعيد قبل وفاته مسؤولة الآن أمام جماهير الهلال بتكريمه بعد مماته بإطلاق اسمه على إحدى منشآت النادي ليبقى اسم ابن سعيد المؤسس في ذاكرة الأجيال الهلالية القادمة.

* عضو مجلس إدارة نادي الهلال سابقاً