كان منظر المقاتل الليبي الذي دخل مقر إقامة العقيد معمر القذافي يجمع بين الكوميديا والتراجيديا في آن واحد، فالمقاتل خرج من «غزوة باب العزيزية» وهو غانم جزءاً من تركة العقيد، إذ ظفر بقبعة ملك ملوك إفريقيا وصولجانه، فكان يعتمر القبعة العسكرية المذهبة ويهز العصا مذكراً بملك ملوك إفريقيا الذي هوى عرشه أمام غضب جماهير وأحفاد عمر المختار.
الاستيلاء على القبعة العسكرية المذهبة وصولجان ملك ملوك إفريقيا، وتبختُر المقاتل الليبي بالغنيمة التي غنمها لدى مشاركته في غزوة باب العزيزية، تعيد منظر يوم ظهر «القائد» في إحدى المناسبات الإفريقية وهو يرتدي جلباباً مزيناً بخارطة إفريقيا، ويعتمر قبضة عسكرية مذهبة، وبيده عصا على هيئة صولجان رأسها مذهب، يومها أعلن القائد العقيد معمر القذافي تتويج نفسه ملك ملوك إفريقيا، ومع أن لا أحد من إفريقيا سواء من أحفاد ملوكها السابقين أو ملوكها المتوجين بالسلطة رؤساء الجمهوريات الإفريقية أعلن مبايعته لهذا الملك الطارئ رغم ما كان يغدقه عليهم من أموال، إلا أن قائد الفوضى في إفريقيا ظل مصراً على استعمال هذا اللقب، وعندما قاطعه أمير قطر في اجتماعات القمة العربية التي عقدت في الدوحة بعد أن أطال الثرثرة، رفع عقيرته مذكراً بأنه عميد الرؤساء العرب وملك ملوك إفريقيا.
نهاية العميد وملك ملوك إفريقيا غير معروفة، ومصيره غامض فقد اختار ما وصف به ثوار بلده، إذ أصبح كـ(الجرذان) يختار الجحور والأنفاق ليتوارى عن الأنظار، ليكون بذلك أول ملك لملوك إفريقيا يختار حياة الجرذان نهاية لحياته.
jaser@al-jazirah.com.sa