جورج قرداحي إعلامي لبناني، اشتهر وبلغت مكانته كإعلامي الآفاق من خلال قناة الإم بي سي وبرنامجه الثقافي فيها (من سيربح المليون). قبلها كان إعلاميا لبنانياً محلياً، لا يعرفه إلا من يتابع دكاكين الإعلام اللبناني الحزبية. وكعادة الانتهازيين الإعلاميين العرب نسى كل هذا، وتنكر لأصحاب نعمته، بل وعض اليد التي أطعمته، ورفعت من شأنه، وجعلته شيئاً مذكورا.. فعندما سألته إحدى القنوات السورية عن رأيه في الانتفاضة السورية لم يتردد بإلقاء التهم على القنوات العربية الإخبارية، وعلى رأسها طبعاً (العربية) شقيقة الإم بي سي التوأم وإن لم يذكرها بالاسم، معتبراً أن ما يحصل في سوريا ليست انتفاضة شعب على جلاديه، وإنما (مؤامرة) تقودها الفضائيات العربية (كذا) على النظام السوري؛ أما بشار الأسد فهو كما يقول لسان حاله من أنقى وأطهر و(أذكى) الرؤساء، لذلك تآمر الأجانب عليه، ولم ينسَ أن يُردد ما يردده (أزلام) النظام من اللبنانيين أن كل من يقف ضد سورية الأسد فإنه يقف ضدها: (كيداً لدولة الصمود والممانعة والمقاومة سوريا الأسد)؛ أي أن ملايين السوريين المنتفضين عند قرداحي هم عملاء متآمرون، كل ما يطمحون إليه أن تنهار دولة الصمود والتصدي والمقاومة!
غير أنه اكتشف متأخراً على ما يبدو أن رهانه على نظام الأسد كان رهاناً خاسراً على كافة المستويات؛ فعاد وتراجع؛ وكالعادة ألقى باللائمة ليس على الذات القرداحية الكريمة، وإنما على الآخرين، الذين فهموه خطأ كما يزعم!
يقول قرداحي للعربية نت: (إنه متضامن مع الشعب السوري في الأحداث التي تجري في بلاده (كذا)، موضحاً أن موقفه فهم بشكل خاطئ في الأيام الماضية (!!)، حيث تحدث لوسائل إعلام عربية من منطلق حرصه كمواطن عربي بالدرجة الأولى بعيداً عن عمله الإعلامي). ثم واصل قائلاً: (إن موقفه من سوريا لم يتغير، وهو نابع من الحرص على «الاستقرار في سوريا، ورفض التدخلات الخارجية»، مبينا أن «اهتزاز الوحدة في سوريا قد يؤثر على الأوضاع في بلده لبنان، وفلسطين والأردن ودول الخليج».)!
ولكي لا نظلم الرجل، أعني الذات القرداحية الكريمة، فإن موقف قرداحي هذا لا يختلف عن مواقف آخرين من الكتاب والإعلاميين اللبنانيين، من شلة الانتهازيين إياهم، الذين يمتطون أقلامهم، أو وسائل إعلامنا، لخدمة جيوبهم؛ وهم في وسائل إعلامنا وصحافتنا كثر؛ أي أننا باللغة العامية (ماكولين ومذمومين). ربما أن حسنة بشار الأسد ومن قبله والده أنهما لا يرضخان للابتزاز، فهما يعرفان كيف يتعاملان مع هذه الكائنات الابتزازية جيداً؛ فلا يجرؤ لا قرداحي ولا أقرانه على ابتزازهم بقدر ما ترتعد فرائصه بمجرد أن تذكر أسماؤهم.
وقبل أن أختم هذه العجالة بودي أن أهمس في إذن الصديق الشيخ وليد البراهيم رئيس مجلس إدارة الإم بي سي وأقول: إن ظهور جورج قرداحي بعد موقفه المعيب هذا على قناة الإم بي سي مشاركاً في بعض البرامج، فيه جرح لمشاعر أهل سوريا، وبالذات ذوي الشهداء، الذين ذاقوا الأمرّين من بشار وطغمته، وكذلك مشاعرنا، بل ومشاعر كل من رأى كيف يتفنن جنود بشار في إهانة الإنسان السوري، والمس من قدسية دينه وكرامته وقيمه؛ فهل نرى منك موقفاً نبيلاً ومتضامناً مع أهل سوريا بطرد هذا الإعلامي من قناتكم؟ .. نريده أن يكون عبرة لغيره، ممن يعملون في مؤسساتنا الإعلامية في النهار، ويتاجرون بالإساءة إلينا في الليل؛ وهم بالمناسبة كثيرون؛ وقد بلغ سيل استهتارهم بنا وبمشاعرنا الزبى.