بدخول الثوار الليبيين مقر إقامة العقيد معمر القذافي «قائد الثورة وملك ملوك أفريقيا» تكون ليبيا قد طوت صفحة من تاريخها وفتحت أخرى، بل أيضاً أُسدل الستار على تاريخ أسود من العبث والفوضى لشخص أربك محيطه الإقليمي والدول المجاورة نتيجة أفعاله غير المنضبطة، فبدلاً من أن يستثمر ثروة بلاده لتنمية وطنه ورفع مستوى مواطنيه، استغل تلك الثروة التي تدر بلايين الدولارات على دعم الاضطرابات وتمويل الإرهاب، فأربك جيران ليبيا مشعلاً الفتن في تلك الدول، فلم تسلم أية دولة من الدول المحيطة بليبيا، فالتي لم تشهد اضطرابات زرع فيها جواسيسه واشترى ذمم مسؤوليها، ووصلت شرور هذا «القائد» المصاب «بالبانرويا» والتي تجعله أسير الشعور بالعظمة الزائفة، أن يعتقد بأنه الأفضل والأحسن والأجدر بقيادة العالم وليس ليبيا فقط، وقدم فصلاً عن هذا التصور أمام العالم أجمع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولأن مثل هؤلاء المرضى الذين تؤول مصائر الشعوب إليهم لا يتعلمون من الأحداث والدروس التي يحفل بها التاريخ الإنساني، فترى صورهم تتكرر، بل تجد أكثر من نموذج في العصر الواحد، ولدينا نحن في الدول العربية نماذج من مثل هؤلاء المرضى بعضهم من قضى نحبه وبعضهم أزالته الجماهير والبعض الآخر ينتظر مصيره المحتوم.

ومع أن أحداث ليبيا الحالية وقبلها أحداث العراق وتونس ومصر تعطي عظات مجانية لهؤلاء القادة الذين وضعهم القدر على سدة الحكم في دولهم، جاثمين على صدور وعقول الشعوب المغلوبة على أمرها، والتي ما أن تجد الفرصة حتى تتخلص منهم، وهو ما شاهدناه في أكثر من بلد وبالذات في المنطقة العربية، وهذا ما يجعل باقي الحكام خصوصاً الذين تشهد بلادهم اضطرابات وبالذات سوريا أن يكون لهم درس ليبيا عظة يجب الأخذ بها قبل فوات الأوان