من الشعراء من لا تتأخر عن قراءة ما يكتبه، لقناعتك بما يطرحه من أفكار ترى الوقوف عليها أمراً ضرورياً والاستئناس بما تحمله شيئاً حتمياً، وذلك لما فيه من فائدة، ولكونه يصاغ في عبارات قصيرة وبليغة يجد فيها القارىء متعة ذهنية وأدبية، لأنها لا تخلو من الأفكار والآراء التي تلامس واقعاً لحياته بأسلوب يعد من أهم مستودعات الحكمة النافعة، وهو ترجمة لكثير من الحياة الاجتماعية التي يبحث عنها كل من يطمح بأن يكون معلم جيل أو مقصد سؤال المتعلم.
والشعراء الحكماء كثر سواء من الأقدمين أو المعاصرين الذين يتتبع ما قالته الشعراء بصفة عامة يلاحظ أنه قل أن يقرأ قصيدة متقدمة أو متأخرة إلا ويجد فيها حكمة تختلف صناعتها وعرضها باختلاف فهم وإدراك صانعها. ولعل ممن يحسن صناعتها في عصرنا هذا هو الشاعر علي محمد العيسى، من ذلك قصيدة (الأفعال برهان الأقوال) التي كلها تفيض حكمة ورأياً سديداً حاول فيه تصنيف مواقف الناس، وذلك بقوله منها وهو مطلعها:
ما كل من ركب الحصان بفارس
ما كل من فتح الكتاب بدارس
وبعده بأبيات يعيد استحالة المقارنة بين فئة وأخرى من الناس وذلك بقوله:
ما كل من أدلى ببعض هواجس
هو المفكر من خلال الهاجس
والقصيدة منشورة في جريدة الجزيرة العدد 13902 الصادر يوم الخميس 13 ذي القعدة 1431هـ.