بما يشبه «النكتة»، قرأت في صحيفة (الزمان) العراقية خبراً أثار لدي الضحك والاستغراب؛ فالخبر يقول: إن السيد مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، وجّه رسالة شكر للعراق بعد اعتراف الحكومة العراقية بالمجلس الانتقالي الليبي، وأن المستشار مصطفى عبدالجليل وأعضاء المجلس الانتقالي يرغبون بالاطلاع على تجربة العراق بعد مدة سقوط النظام السابق، وكيفية التجارب الديمقراطية كالانتخابات النيابية وكتابة الدستور...!!
إذا كان فعلاً المستشار والرجل الورع المتخصص بالقانون والشريعة مصطفى عبدالجليل يريد أن يتعلم من حكام العراق الجديد: كيف كتب دستور العراق الحالي، فهذه - والله - مصيبة يجب تحذير الإخوة الليبيين من الوقوع فيها؛ فالدستور الحالي الذي ولد في رحم الاحتلال الأمريكي، و كاتبه أمريكي متصهين، وتحت إشراف سيئ الذكر -بريمر- حتى جاء دستوراً مليئاً بالنواقص والإشكالات التي يعاني منها العراقيون حالياً، والتي شرَّعت للطائفية والمحاصصة، فإن الليبيين في غنى عن هذا التعلم والاقتباس من دستور وضعه المحتل الأمريكي، خاصة وأن من يرأس المجلس الانتقالي الليبي رجل متخصص في القانون، وله زملاء متخصصون في القانون الدستوري من الليبيين الذين لم يتلوثوا ولم يجلبهم الاحتلال، بل جاهدوا وقاتلوا وانتزعوا حريتهم بجهودهم.
أما مسألة الاستفادة من نجاح التجارب الديمقراطية في العراق، فهذه مسألة فيها مغالطة كبيرة لا بد أن يعرفها الليبيون جيداً، إلا إذا أرادوا أن يتعلموا من العراق: كيف يتم تزوير الانتخابات؟ وكيف يجبر القضاة على تسيير الأحكام حسب رغبة الحكام الجدد؟ وكيف يتم تغطية عمليات الفساد والسرقة؟، فعليهم المسارعة للقدوم للعراق ليتعلموا كل ذلك؛ خصوصاً وأن الذين أنجزوا كل هذه التجارب الناجحة من «الديمقراطية» هم الذين يحكمون العراق الآن!.
jaser@al-jazirah.com.sa