|
الدمام - عبير الزهراني
شهدت الآونة الأخيرة، تداولاً كثيفًا لرسائل نصية وصوتية مبرمجة بطريقة حرفية، عبر أرقام من خارج المملكة، تروج وتسوق لممارسة الرزيلة، تتضمن هذه الرسائل محتوى يدعو إلى الانحلال الأخلاقي دون أن تفرق بين الصغير والكبير.
وترى الدكتورة ناهدة الزهير رئيس حملة «لنحمهم» والمدير العام لمكتب معارف الصحة للاستشارات الصحية والتدريب والبحوث أن الغرض من وراء هذه الرسائل هو التكلفة المادية، التي يتكبدها من يستسلم لمثل هذه الإغراءات، ويسعى وراء هذا السراب، بدفع المزيد من الأموال، والسفر بحثًا عن وهم «اللقاء» وشراء ما يلزم لذلك، فعندما تتمكن هذه المكالمات أو الرسائل من مستلمها ويصبح مسلوب الإرادة أمامها، فإنه من دون شك سيدفع الأموال من أجلها ومع ارتفاع تكلفة الاتصالات الدولية والرسائل سيحصل مرسلو هذه الرسائل على مبالغ مادية عالية.
وأشارت الدكتورة الزهير إلى أن الرسائل تروج أيضًا لمشاهدة قنوات هابطة ومفسدة للأخلاق، وهو ما يعني إفساد أخلاق المجتمع وهدر وقت وصحة أفراده.
وحــول كيفية حماية المجتمع من مخاطر تلك الرسائل أشارت الزهير إلى أهمية المراقبة والمتابعة من قبل الأسرة والترابط الأسري وفسح المجال للمزيد من التواصل والتواد فيما يخص التوجيه التربوي والمصارحة والمكاشفة بين الأجيال، وعدم ترك الأمور سائبة لليافعين والصغار في التمتع بهامش كبير من الحرية والخصوصية على اعتبار أنها مسألة ثقة، بينما الخطر يحيط بهذه الحرية والخصوصية بشكل مريب وخفي، وبيّنت أن المسؤولية التربوية ملقاة على عاتق التربويين من خلال المناهج الدراسية بكل مراحلها.
ودعت الزهير إلى ضرورة نشر التوعية والتثقيف الموجه عبر المزيد من اللقاءات الثقافية والاجتماعية والانخراط في الحملات التوعوية التي تصب في الفائدة العامة، والكشف عن خطورة هذه الظواهر دون تحرج أو تخوف.
وفـي السياق ذاتــه يــرى الاختصاصي النفسي فيصل آل عجيان أن من السلوكيات الشائعة الخاطئة وجود جوال في يد الأطفال وأحيانًا كثيرة من النوع الحديث أو الذكي وبدون مراقبة وهذا يعرضه للوقوع في شباك المتربصين به، خصوصًا إذا كان الطفل دون السن القانوني، فإن تركه مع مواقع التواصل الاجتماعي اليوتيوب والفيس بوك والتويتر وقروبات الإيميل والجوالات من دون توجيه يعرضه للخطر، فهو عالم يفوق سنه ولا يفهم ذلك على أنه حرمانه وإهانته واحتقاره فوعي الطفل للتو يتفتح ويتشكل ومن حقوقه على الأب والأم حمايته من ألعابثين.
وبيَّن آل عجيان: تتملك الأفكار الخطأ رب البيت -في ضوء المدرسة النفسية المعرفية- وتسبب له الرغبة في التسيب ومعالجة الأمور بترك الأبناء بحرية كعبارة «لا نريد أن نحرم الأبناء كما حرمنا نحن» وعلى النقيض هناك نمط أسري متشدد ومتسلّط يلجأ للعقاب دون الحوار متسلحين بعبارات من قبيل «من أمن العقاب أساء الأدب»، حيث إن هذه الأفكار تدفع لاستجابات العنف لدى بعض الآباء وتشكل نمط المعالجات المعرفية للمتسلطين، وهنا نؤكد على أهمية الحوار والتسامح الأسري لحل السلوكيات الخاطئة، وعدم اللجوء للعقاب الشديد الذي من شأنه أن يعدم الشفافية وتكون البنت أو الابن تحت أقل مشكلة مهددين بالابتزاز لأنه غير قادر على الحوار، والمصارحة، فالتسامح واستيعاب الأبناء والتعقل والشفافية هو أفضل الوسائل الهادئة والناجحة.
وأشار إلى أنه ينبغي العمل على تطوير ثقة الطفل بنفسه، وإبعاده عن جو الاتهام بالمراقبة بل الذي ينبغي عمله هو المتابعة وبناء علاقة ودية معه وعدم ممارسة العنف عند ارتكاب الأخطاء لكي نُبقى باب الحوار والشفافية مفتوحًا.
أما حمد الدوسري، فيقول: إن آلاف المشتركين تلقوا رسائل نصية من أرقام مجهولة من خارج المملكة، تحثهم فيها على سرعة الاتصال وتحمل معظم تلك الرسائل عبارات ذات إيحاءات جنسية كعامل جذب وتكون صريحة في دعوتها للدخول في دوامة من اللا أخلاقيات، هذه التجارة غير المشروعة تهدف إلى تدمير المجتمع، وكذلك تحقيق مكاسب مادية والتأثير على النشء واستغلال عاطفة المندفعين من الشباب الذي يمثل 70 في المائة من المجتمع السعودي.
وبيَّن الدوسري: المشكلة أن الرسالة لا تصل مرة واحدة بل عدة مرات، وقد تصل إلى عشر رسائل، فمكالمة واحدة لا تستغرق عدة دقائق قد تصل تعريفتها إلى 1000 ريال تحمل صيغ مختلفة، بعضها يحمل أسماء أشخاص وبعضها يحمل أسماء بلدان وبعضها يحمل أرقامًا أو عناوين لمواقع إنترنت وجميعها رسائل دولية تبدأ بنفس المفتاح الدولي، ولكنها تختلف في رقم المرسل.
ويذكر الدوسري: إنه ما يزيد مخاطرها كونها لا تفرق بين صغير أو كبير شاب أو فتاة وهو ما يجعل المراهقين وصغار السن في دائرة الخطر بشكل خاص، ويجب توعية الشباب عن هذا الموضوع هو بكسر حاجز العيب والحرام دون إبداء الأسباب فقد انتهى زمن الانغلاق والخوف من أن يفهم الأبناء، فلنجعلهم يتكلمون بحريه أمام آبائهم وأمهاتهم دون خوف أو تردد.
من جانبه أوضح لـ»الجزيرة» مدير عام الشؤون الدولية والعلاقات العامة والإعلام بهيئة الاتصالات سلطان المالك بأن مثل هذه الرسائل في الغالب ترسل بشكل عشوائي لأرقام بعض المشتركين، مشيرًا إلى أن الهيئة على تواصل مستمر مع الشركات للعمل على الحد من مثل تلك الرسائل، وبيَّن المالك أن لدى الشركات أنظمة تمكنها من منع هذه الرسائل وبالفعل نجحت في الحد منها بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وعن دور الهيئة في التصدي لهذه الرسائل ذكر المالك أن دور الهيئة يتمثل في التواصل مع الشركات بشكل مستمر وحثّها على الحد من تلك الرسائل قبل وصولها للمشتركين، ومن أبرز أدوار الهيئة هو إطلاق حملات توعوية تنبه المشتركين على توخي الحذر من هذه الرسائل وتنبيه المتلقي لأي رسائل من الخارج أو الداخل أن الهدف منها هو النصب والاحتيال ودعوتهم دائمًا لعدم التجاوب معها وإبلاغ الشركات والهيئة بهذه الرسائل.