Sunday  28/08/2011/2011 Issue 14213

الأحد 28 رمضان 1432  العدد  14213

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا أعلم كيف يتحمل صاحب القلب الأسود نفسه؟ كيف يطيق رؤية وجهه القبوس؟ ويتعايش مع واقعه الكئيب؟ كيف يتحمل ثقل دمه الذي تنوء بحمله البغال؟ لكن يبدو أن صاحب القلب الأسود يعيش في ظلام دامس، لا يدرك معه الفجوة التي تحول بينه وبين إدراك الحقائق، ورؤية البصائر، وفهم قيم التواصل مع الآخرين والتعايش معهم، فظلمة قلبه ووحشته جعلته يعيش بعيداً عن القيم الإنسانية التي تحكم علاقات البشر بعضهم ببعض، وعن المعاني السامية التي تسمو بالنفس وتعلي شأنها، لذا تجده لا يرى إلا نفسه المنتفخة المتضخمة التي لا يمكن أن يصل أحد - حسب ظنه - إلى منزلتها الجوفاء، وبالتالي تجده مترفعاً متأففاً متعالياً متكبراً وهذه هي السمات التي جعلت قلبه أسود، وزادته ظلمة وعتمة.

إن سواد القلب دليل على فساده، ولفساد القلب علامات ودلائل، تبدو جلية في أفعال كريهة، وسمات بغيضة، وطبائع شاذة، تطبع القلب وتسمه بعناوين سوداء، مظلمة بائسة، قاسية متجبرة، تتجلى في الأنواع التالية:

القلب الغليظ: الجافي أهله وإخوانه، صاحبه متجهم غضوب متوحش، قليل الإشفاق والرحمة والرأفة، سيئ الكلام بذيء الأفعال، انظر الآية 159 سورة آل عمران.

القلب الزائغ: المائل عن الحق المنحرف عنه، المتجنب سبل الرشاد والهداية، السالك سبل الضلال والغواية، انظر الآية 7 سورة آل عمران.

القلب الغافل: المنشغل بالدنيا عن الدين، المغلب أداء أدواره ووظائفه الدنيوية على الأخروية، أعماله سفه وتفريط وضياع، انظر الآية 28 سورة الكهف.

القلب القاسي: الصلب الصلد المتحجر الجاف الناشف، الذي لا يعرف الله ولا يذكره، الفاقد المفتقر إلى الرحمة والشفقة، انظر الآية 53 سورة الحج.

القلب المغلف: لا يفقه قولاً، ولا يعي كلاماً، مطبوع عليه غشاوة وأغطية حجبته عن المعرفة، مستور عن الفهم والاستيعاب، وعن التمييز بين الحق والباطل، انظر الآية 88 سورة البقرة، والآية 155 سورة النساء.

القلب المريض: المصاب بداء الشك والنفاق والتعالي، الجاحد المكذب، الهماز المشاء بنميم، انظر الآية 10 سورة البقرة، والآية 125 سورة التوبة.

القلب المختوم: المحاط بالذنوب من كل النواحي، لا يدخله خير ولا حق نظراً لاستحواذ الشيطان عليه، انظر الآية 7 سورة البقرة.

القلب المطبوع: الذي لا يصل إليه هدي، ولا ينتفع بخير، فلا يعي ولا يهتدي مهما بذل معه من نصح وإرشاد، انظر الآية 3 سورة المنافقون.

القلب المكنون: المغطى بإحكام مما يحول دون بلوغ الحق إليه، أو استيعاب ما يملى عليه أو يعرض له من فضائل وشمائل، انظر الآية 5 سورة فصلت.

القلب الأعمى: أي عمى البصيرة، فهو لا يرى البصائر رغم وضوح دلالاتها، يرى المخاطر والمهالك ولا يرعوي عنها ولا يرتدع، انظر الآية 46 سورة الحج.

القلب المقفل: المطبق الذي لا يخلص إليها شيء، موصد يستحيل الدخول إليه والنفاذ إلى داخله والتأثير فيه، انظر الآية 24 سورة محمد.

القلب اللاهي: الغافل عن ذكر الله وعبادته، الذي لا يتدبر حكم الله وآياته، ولا يتفكر فيما أودع الله فيها من العبر والحجج، انظر الآية 3 سورة الأنبياء.

القلب الآثم: الفاجر الذي لا يبالي بالمعصية يرتكبها، انظر الآية 283 سورة البقرة.

القلب المتكبر: المتعالي المتعاظم، الذي يتكبر على الناس ويتعالى عليهم ويقلل من قدرهم وشأنهم ويحتقرهم، انظر الآية 22 سورة النحل.

القلب المنافق: المظهر حلو الكلام، المخفي سيئه، انظر الآية 11 سورة الفتح.

هذه القلوب المتوحشة الموحشة المجللة بالسوداء مشحونة مليئة بالبغضاء والكراهية والعداوة، يعيش أصحابها في نكد وهم وغم وكدر وضيق وبؤس، تكسو وجوههم قتر وعبوس، ينفر منهم الرائي، ويفر منهم الجليس، ابتعد عنهم تجنبهم، واحمد الله على أن عافاك مما ابتلوا به.

ab.moa@hotmail.com
 

أما بعد
القلوب السوداء
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة