لا يوجد في الذهنية الحديثة ما يسمى بـ(الشخص المتميز) لأن كلمة التميز كلمة مطاطة ولا يمكن قياسها، واختزال التميز في شخص واحد من بين آلاف البشر أمر غير منطقي ويعيدنا للأفكار القديمة (السوبر مان).
كل البشر لديهم نصيب من التميز والتفرد، أما الجوائز فتعطي للإنتاج (الملموس) وليس للشخص ذاته, وهذا معمول به دولياً. كل من حقق (منجزاً ملموساً) يمكن أن يأخذ عليه جائزة.
فكرة الشخص/ البطل، مازالت عالقة في أذهاننا وما زالت هي الفكرة المخلصة لكثير من مشكلاتنا, ووصف الإنسان بالتميز واحدة من مخلفات تراثنا العربي القديم التي تصبغ على الفرد ميزات لا حصر لها، مثل: الحافظ العالم الجهبذ... إلخ.
رفع فرد على أقرانه أمراً لم يعد بتلك الأهمية لدى أجيال التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، فكل شخص يملك من القدرات الكامنة ما تجعله شخصية منجزة يتكامل إنجازها مع غيرها من الشخصيات، فالبطولة المطلقة في الحياة الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية أمر لم يعد له مكان أو على أقل تقدير بات محل نقد عريض.
يمكن أن يُسوِّقَ الإنسانُ نفسه حسب اهتماماته واهتمام المجموعة التي يعيش في فلكها, ويمكن أن يبرز صفات التميز لديه بالطرائق المشروعة تلك الصفات التي تؤدي إلى منتج يمكن قياسه, أما تمييز الذات نفسها فلم يعد مقبولاً، ومع ذلك ما زال هناك من يتعامل مع هذه القيم المنتهية الصلاحية والتي أثبتت خلافها لسنن الكون، على اعتبار أن صفة التميز صفة دائمة, أما المنجز فمتغير، لهذا يمكن أن تعطى جائزة على منجز، ولكن من الخطأ أن تعطي جائزة بمسمى (الشخص المتميز).
وهذا الشيء يندرج على وصف (الموظف المثالي) أو (الطالب المثالي) لأنها صفات متعالية لا يمكن قياسها, حتى لو وضعنا لها معايير، فالمعايير ليست للشخص بقدر ما هي لأداء عمله, لذا يمكن أن تأخذ هذه الجوائز أي مسمى غير المثالية والتميز.
هذا التمجيد المتعالي للأشخاص تكثر في المجتمعات القبلية، ونجدها كذلك في المجتمعات النامية بصور متفاوتة, ولكن لا نكاد نجدها في المجتمعات المدنية التي تضع الإنسان -أي إنسان- في مكانته التي يستحقها بغض النظر عن لونه وعرقه ووظيفته.
nlp1975@gmail.com