القاسم المشترك قرية القرداحة السورية الواقعة على هضبة من هضاب السفح الغربي للجبال الساحلية السورية على بعد 25 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة اللاذقية باتجاه نهر القرداحة بلدة الأسد، الرئيس السوري، والمنسوب إليها الإعلامي جورج قرداحي اللبناني. ولا غرو أن نعرف سر تصريحات هذا الأخير لإحدى القنوات السورية، التصريحات «المنحازة» بشكل صارخ مع الظالم وليس المظلوم، فالسر إذن قد يكمن في الانتماء «الجهوي» بلغة المغاربة، تنوعت الأقوال والمبدأ واحد، وبدلا من أن يكحل العين فلقد أعماها «جورج،»...
... المخدر لمشاهديه عبر واحدة من القنوات الشهيرة (إم بي سي)، ولقد هزم القرداحي نفسه بسبب ربطه بين التهويل الإعلامي والانتفاضات العربية، ومن بينها ما يحدث في سوريا، ومما قال في محاضرة له ألقاها في مستشفى الأسد الجامعي في دمشق في شهر يوليو الماضي: «ماذا أنجز هذا الربيع المنشود وحقق غير الفوضى في الوطن العربي.» ملقيا باللائمة على القنوات الفضائية، ولكن فاته أنه لطالما دافعت الفضائيات عن أنظمة متهالكة مبنية على المبادئ الحزبية والطائفية والإثنية، والمفترض أن السلطة الرابعة، «الإعلامية» كما تنعت، تقرر واقع الحال وتتابع الحدث، ولقد ذهب من ذهب بأن وراء الأحداث الثورية في تقنية الاتصالات، ولكن من تفحص ما حدث ويحدث في بعض البلدان العربية يدرك أن المسألة تعود إلى تراكمات تاريخية وقضايا مجتمعية واقتصادية أكثر من أي شيء آخر.
أما نظرية المؤامرة التي أكد عليها القرداحي، فمن باب حيلة العاجز وضعيف الحجة، وكان أسلم له ألا يخوض في غمار «الجيوبولوتيكيات،» وكان أولى به أن يركز على الأمور التي يعرفها ويدع تلكم التي يجهلها، وإذا أراد أن ينصر أخاه «الظالم» فليردهُ إلى الحق. والنتيجة على أية حال أن عصفت به أقواله وخسر علاقته الوطيدة مع محطة أعطته فرصا، وليس فرصة واحدة، والقرار الشجاع من (إم بي سي) يثمن لها، والشجاعة في قلم كاتب المقال، محمد آل الشيخ، كانت عاملا في لفت الانتباه لإعلامي لم يسبر عمق الماء قبل أن يقفز في أعماقه، وفي ذلك عبرة لمن أراد أن يعتبر.
وبالنسبة لموضوع الساعة، يمكن طرح السؤال: هل باستطاعة أحد، بما في ذلك الخبراء، من المتخصصين في العلوم السياسية والجيوستراتيجيية ومن علماء الاجتماع ومن المؤرخين ومن القانونيين، هل باستطاعة أي من هؤلاء مجتمعين أو على انفراد أن يضعوا تصوراً لمستقبل العلاقات بين الأنظمة العربية؟ وإذا كانت العلاقة بين الحاكم والمحكوم، شابها ويشوبها الكثير من المشكلات وطالما وضع حولها العديد من علامات الاستفهام، لم يكن من الغريب أن تتعثر العلاقات البينية العربية لأن العلاقات بين الأنظمة نفسها وبين شعوبها علاقات غامضة ومتأرجحة.
وفي خضم كل ذلك وفي زخم الأحداث سقط الشهداء وكانت التضحيات جساما وتأخرت الشعوب العربية عن ركب التطور والتنمية، على الرغم مما في هذه الدول من ثروات مادية وبشرية، بل إن الثروات الوطنية تبعثر هنا وهناك، أما الوطن فاقتصرت التنمية فيه على العواصم السياسية والحواضر الرئيسية، وبقي الريف كما كان من عشرات السنين، فثارت المناطق المهمشة في بعض البلدان وطالبوا بالانفصال عن العواصم السياسية المتغطرسة، وما جنوب السودان وشرقه إلا أمثلة على ذلك.
alshaikhaziz@gmail.com