في زيارة لي لإحدى الدول العربية الشقيقة، كنت في جلسة مع أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة، وكنا نجلس في صالة الفندق «اللوبي» جلسة مريحة نتبادل فيها الآراء والأفكار، وكنت أحمل في يدي قبل حضور ذلك المسؤول تقريراً لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أردت أن أقرأ التقرير قبل وصول المسؤول، وعند حضوره وضعته على الطاولة، وأثناء الحديث لفت انتباه المسؤول العربي ذلك التقرير، ففتح الحديث عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وما هي وظائفه وأهدافه. ظل ذلك المسؤول منصتاً، وبعد استماع مطوَّل دون مقاطعة طلب مني أن يستعير ذلك التقرير لقراءته بتمعن. طبعاً أعرته التقرير فرحاً بالاطلاع على التجربة السعودية الرائدة.

في اليوم الثاني أعيد إليَّ التقرير مع موظف من موظفي ذلك المسؤول الكبير، وظننت أن التقرير لم يرق له فأعاده بهذه السرعة.

بعد أربعة أيام التقيت ذلك المسؤول لمشاركتنا في ورشة العمل التي جئت لبلده من أجلها، وقبل أن أسأله عن سبب سرعة إعادته التقرير فاجأني بأنه يعتذر عن نسخه التقرير كاملاً وتصويره دون أن يستأذن، وأنه لم يرد أن يحرمني من الاستفادة مما حواه القرير، حيث إن ورشة العمل لها علاقة بالحوار وكيفية مواجهة خلافات المجتمع الواحد، وأنه أتمَّ قراءة التقرير في الأيام الأربعة، وسيكون أحد مراجعه التي يعتمد عليها في معالجة الخلافات.

في محاضرة ذلك المسؤول والتي كانت عن «أدب الاختلاف ومعالجة الاختلافات» فوجئت بأنَّ فحوى المحاضرة والأساس الذي اعتمد عليه كان تقرير مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، والرجل أشار إلى ذلك في ثنايا المحاضرة، مؤكداً بأنَّ تجربة المملكة العربية السعودية في نشر ثقافة الحوار الوطني، واستيعاب الخلافات الفكرية والثقافية وحتى الطائفية، يجب أن تكون نموذجاً لنا جميعاً نحن المجتمعات العربية التي تعج بالخلافات وتنشغل في كثير من الخلافات والاختلافات التي لو استُوعِبتْ وعولِجتْ عبر مركز متخصص كمركز الملك عبدالعزيز الوطني للحوار لأمكننا تجاوز تلك الخلافات وتجنيب مجتمعاتنا الحروب والأزمات.

هذه المناسبة تذكرتها وأنا أتابع قول الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقائمين على مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، «الحوار يمثل أنجح الأساليب وأجداها لتحقيق الانسجام والوئام بين أبناء المجتمع وشرائحه وتوجهاته».