|
الجزيرة - علي العبدالله
استعاد التلفزيون السعودي بريقه المفقود منذ سنوات ونجح في التفوق على كثير من المحطات الفضائية المرموقة، وباتت النقلة النوعية في هيكله البرامجي واضحة ولا يمكن إغفالها ولاسيما بعد أن استقطبت كوادر وطنية مميزة ذات نفوذ جماهيري من محطات كبرى كانت قد شهدت على نجاحهم وتميزهم، وحرص القائمون عليه على التركيز على مواكبة الثورة الإعلامية والإنتاجية وتجديد الآليات والأدوات الفنية التي يمكن أن تضع المشاهد أمام مادة إعلامية خصبة.
واستطاعت القناة الأولى على وجه التحديد أن تستعيد جماهيريتها إلى حد كبير ولاسيما في فترة الذروة التي تعقب عرض مسلسل «طاش 18» الذي مازال عصيا على المحطة السعودية، غير أن ضربة استعادة الطيور المهاجرة الشمراني والعسيري والحبيب آتت أوكلها وحققت نسبة مشاهدة جيدة بمسلسل «قول في الثمانيات»، كما أن تغذية الدراما التراجيدية بعودة بعض الغائبين منذ زمن طويل. جاء هذا التميز ممزوجا بفكر إداري وفني ودعم مالي تصدى لتلك الأدوار مستشار وزير الإعلام والمشرف على التلفزيون عبدالرحمن الهزاع الذي أدرك منذ توليه مسؤولية الإصلاح بالاعتماد على الكوادر السعودية الموهوبة وإعطاء حرية الإبداع في قناة الوطن الأولى.
واعتمدت إستراتيجية الهزاع على مجموعة من الخطوات التكتيكية الجريئة أعادت ثقة المشاهد السعودي في قنواته المحلية خصوصاً الأولى والتي من المفترض أن تعطي الصورة الحقيقية للمجتمع ونجومه وفنونه.
كانت بذور هذا التطوير بالخطوة الأولى حين أفلح في استعادة نجوم الكوميديا السعودية الذين تسيدوا أجواء الكوميديا خليجيا ولاسيما الكبار ومنهم الدكتور راشد الشمراني وحسن عسيري أو أولئك الجماهيريين الجدد أمثال حبيب الحبيب وعبدالعزيز الفريحي وعمر الديني وعماد اليوسف وآخرون، بل وانفردت القناة بعمل «قوول في الثمانيات» الذي شكل مع المدبلج الكرتوني «كاركتون» وجبة إضافية للكوميديا غردت خارج السرب وحققت مشاهدة عالية معتمدا على ما قدم في المسلسل الشهير «بيني وبينك» من نجاح وبالشخصيات التي قدمته منهم راشد الشمراني الذي أعاد شخصية «أبو هلال» بقالب عصري وحسن عسيري الذي طور شخصية «مفرح» إلى «محرز» ثم عمر الديني وحبيب الحبيب اللذان قاسمهما النجاح، ويحسب للكاتب علاء حمزة أنه ظل قاسما مشتركا في كثير من الأعمال المميزة.
وجاء وجود أبطال هذا العمل بعد اتفاق شرفي بين التلفزيون السعودي ممثلاً في المشرف عليه عبدالرحمن الهزاع و الشيخ وليد الإبراهيم على أن يقوم هذا الفريق بعمل فني قادر على استقطاب المشاهد السعودي لشاشته مرة أخرى وعلى أن تعود النجوم إلى أوكارها وهو ما حدث، حيث حقق العمل نجاحا كبيرا وتزعم به الأعمال في المحطة، مستفيدا من قدرات نجومه وعدم وجود منافس قوي له في ذات التوقيت.
وجاء ضم الفنان والرسام السعودي الشهير عبدالسلام هليل إضافة لجرعة النقد الهادف برسوماته وأطروحاته في العمل الفني «كاريكتون» في مواصلة للمنهج السابق في استثمار الشخصيات المعروفة لصالح النقد الاجتماعي. وساهمت المحطة في تثبيت نوع فني كوميدي جديد من المسلسلات هو «السيت كوم» بغرض دعم الوجوه الجديدة وأعطت الفرصة لمسلسل «فينك» للعام الثاني على التوالي.
جرعة المسابقات والبرامج
قام التلفزيون بتجديد مهم في هوية المسابقات التي يقدمها ولم يغفل هذا الجانب فجدد عهده بسباق المشاهدين ونقله للفضائية الرياضية، واستقطب الفنان السعودي هشام عبدالرحمن الهويش المعروف بـ»أبو الهش» في خطوة نجحت من خلالها المحطة في مضاعفة الجماهيرية بالبرنامج الضخم «النخلة» الذي اعتمد في فكرته على الموروث المحلي ومراوحا بين الإبهار الفني والحضور المميز والجوائز العالية والأجواء التفاعلية.
كانت الخطوة الأهم هي تطوير البرامج الدينية بهيكل برامجي جديد خرج بها من النمطية إلى فضاء أروع وغير مملل، ونوّع بين الفتاوى والتراث الإسلامي والبرامج التوعوية والوعظية، وبهذا يعود التلفزيون لتألقه بالتجديدات التي قام بها القائمون عليه مستعيداً ثقة المشاهدين فيه والمتابعة له.