بعد انتهاء ليلة ختمة القرآن في شهر رمضان لهذا العام بإمامة الدكتور الشيخ « عبد الرحمن السديس « - أطال الله في عمره - لأكثر من مليوني مصلٍّ من مختلف الجنسيات في بيت الله الحرام، والذين تحكمهم الصلاة في صفوفهم والتحامهم لثوانٍ بسيطة متجهين جميعهم، بالرغم من الاختلافات الشكلية، لاتجاه واحد « القبلة « ليجتمعوا من أجل هدف واحد فقط هو « ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى « في أيام شهر رمضان الكريم، وقتها تأكدت بأنّ بلادنا الآمنة الغالية تنعم بنعم لا تُعَد ولا تُحصى، منها نعمة والأمان،
ونعمة استقبال واحتواء هذه الحشود طوال مدار السنة، وخاصة خلال المواسم الدينية، ونعمة القدرة على إدارتهم في منطقة واحدة مكتظة بالملايين في وقت واحد، وتلبية طلباتهم واحتياجاتهم على مدار الساعة، وإنْ كان العقل البشري العادي لا يستوعب ذلك الاحتواء في حينها ! لكن من أهم تلك النعم وأكثرها تشريفاً لنا كمسلمين وسعوديين خاصة هما: -
الأولى:- النعمة الكبرى هي وجود بيت الله الحرام في مكة المكرمة التي يعود تاريخ تأسيسها لأكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، أي قبل وضع النبي إبراهيم والنبي إسماعيل لأساسيات الكعبة ! ومرّت هذه المدينة التي تعتبر دولة للمسلمين، بعصور تاريخية عظيمة، حتى شرّف الله قادة هذه البلاد بخدمة بيت الله الحرام منذ عهد القائد الكبير لها الملك عبد العزيز - طيّب الله ثراه -، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين.
الثانية: أما النعمة الثانية التي يشعر بها كل مواطن سعودي صغيراً كان أم كبيراً، وننعم بها في وقتنا الحاضر، والدول من حولنا تعاني حالياً من قسوة رؤساء قتلهم وقتل شعوب بلادهم داء جنون العظمة ! هي النعمة العظيمة بوجود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمدّه الله بالصحة والعافية في وقتنا الحاضر والقلوب من حوله تدعو له بطول العمر وهو يتابع باستمرار راحة المواطنين كافة، ويكفينا اختصاره العفوي لعاطفته الأبوية للمواطنين بمقولته الشهيرة التي لن ننساها ما حيينا أبداً عندما قال "مادامكم بخير، أنا بخير"، فهذه المقولة تحمل الخير والرضى لكل مواطن قد يشعر بهضم حقوقه يوماً ما، لأنّ هذا الشعور لن يستمر بإذن الله في عهد قائد يتابع بكل حرص راحة زوار الحرمين الشريفين في نهار رمضان من موقع مسؤوليته، وهو يتابع أيضًا راحة المعتمرين عندما قضى العشر الأواخر من الشهر بقرب بيت الله الحرام، ولقد تشرّفنا كمواطنين أن نتابع اهتمامه كقائد وأب، تفاصيل المشروع الجديد لتوسعة بيت الله الحرام، من خلال الشاشات التلفزيونية وهو يركز بقلبه الصادق، وأبوّته التي تفيض بها جوارحه في ظهر ذلك اليوم على أدق تفاصيل المشروع وتوجيهه الختامي للمشرفين على المشروع بالحرص على التنفيذ العاجل. وكل هذا من أجل راحة المعتمرين الوافدين لمكة المكرمة بالملايين سنوياً.
إنّ عيد المملكة العربية السعودية لم ولن يتوقف على أيام قليلة، بل عيدها وفرحتها هما بوجود هاتين النعمتين اللتين لا تقدّران بثمن، ولا علينا سوى الحمد والشكر راجين الله وتعالى أن لا يغير علينا. وكل عام وقائد هذه البلاد المطمئنة بإذن الله بخير، وأنتم بخير أيضًا.
moudy_z@hotmail.com