كتب الأستاذ عبدالرحمن السدحان في زاويته: (الرئة الثالثة) مقالاً أزعم أنه خرج من سويداء القلب ضمّنه رسالة غالية لأبناء وبنات الوطن المبتعثين، وذلك في يوم الاثنين 24-1-2011م في العدد 13997 بادئاً إياها بمقدمة مختومة برجاء قال فيه: (وأرجو أن يكون في بعض ما جاء فيها عبرة لمن شاء وعزاء لمن أراد!) ثم دلف إلى الرسالة حامداً الله داعياً لكل مبتعث بالأمان والتوفيق محذراً له من الثالوث الخطير الذي يشكل فتنة عظيمة يختبر فيها إيمان المرء وعقله وخلقه في بلاد فتحت أبواب الشهوات والملذات فيها على مصاريعها، وهذا الثالوث المخيف هو: العلاقات المحرمة والمخدرات ورفقة السوء. وقد سطر كاتبنا توجيهاته بكل أبوة وحنو وعطف مكرراً في ثنايا رسالته قوله: (يا بني) منطلقة من صميم الفؤاد ولا عجب إن سكنت القلوب ووجدت صدى حسناً فيها، فالكلمة التي تخرج من القلب تصل إلى القلب وهي من رجل صاحب خبرة في الحياة، حيث عركته وسبر غورها وخاض العديد من التجارب وهي نتاج تجربة وكان مما قال كاتبنا: (فالأرض التي أنت بها تشكو منظومة من الفتن، الظاهر منها والمستتر، وفي مقدمتها فتنتا العقل والهوى، ولهذه الفتن سلطان يغشى القوي من الناس قبل الضعيف، وينال البريء قبل المذنب، ولها من يروجها ويزين سبلها، وأخشى أن ينالك منها بلاء فتشقى به، ونشقى به نحن معك). وخاطب عقل المبتعث محملاً إياه المسئولية فقال: (تذكر أن لك شخصية تعكس كرامة الإنسان وحرمة الدين وقدسية الوطن الذي تنتمي إليه). وأوصاه وصيةً أخرى فقال: (عاشر من الناس خيارهم: عقلاً وإيماناً وعلماً).
وللحق فإن هذه الرسالة من حيث صياغتها وما حملته من توجيهات رشيدة وكلمات سديدة كم أتمنى أن تسعى وزارة التعليم العالي وخاصة المسؤولين عن الابتعاث ومن يتولون شئونه أن يرفقوها مع كل مبتعث لتكون نبراساً يستضيء به ونصحا وتوجيها، فحينئذ لا يكون عليه خوف بعد عناية الله وتوفيقه. وقد كنت ذات ليلة أتابع برنامجاً أُستضيف فيه أحد القامات الإعلامية، وذكر أنه سافر إلى بلاد الغرب لأجل العلاج على نفقة الدولة بمفرده وكان عمره إذ ذاك ستة عشر عاماً ناسباً الفضل بعد الله لوالده في حسن التربية والاعتماد على النفس، وحين سأله المقدم ألم تواجه مشاكل أو عقبات؟ أجاب: أنه كان يبتعد عن الأماكن المشبوهة وأماكن الفساد وكان دائم التواجد في الأماكن العامة، ولعل هذه التجربة الفتية الناجحة كانت سبباً في أن يكمل هذا الإعلامي دراسته العليا في الماجستير والدكتوراه في بلاد الغرب ويعود وقد رافقه النجاح وحالفه توفيق الله خادماً الوطن في أكثر من موقع.
إننا إن تأملنا بعين العقل والإنصاف لوجدنا كثيراً ممن ابتعثوا للدراسة في الخارج يمثلون الوطن خير تمثيل بل وينشرون الدين الحنيف بأخلاقهم الحسنة وتعاملهم الراقي فأنشأوا المراكز الإسلامية والمساجد وحلقات القرآن والنوادي الثقافية والاجتماعية وصاروا مشاعل هداية ودعاة فضيلة، فهم نموذج مميز للمسلم العربي الصادق المعطاء. وإنه ليحدوني الأمل أن يكون كل مبتعث رجلاً أو امرأة على هذا النهج القويم والصورة المثلى وما أجمل أن أختم تعقيبي بهذه الدعوة الطيبة التي أهداها كاتبنا - وفقه الله - كل مبتعث: (والله أسأل أن يبلغك خير ما تريد ويجنبك شر ما لا تريد). آمين.
عبدالله بن سعد الغانم - تمير