وسائل الإعلام الجديد في الربيع العربي دفعت بالإعلام إلى الواجهات، لتؤكد أن الإعلام تزحزح عن موقعه من السلطة الرابعة ليصبح السلطة الفاعلة وحسّن مركزه إلى موقع متقدم... الإعلام الجديد في الربيع العربي ضخ الدماء بوسائل أخرى كانت في طريقها إلى إعادة الصياغة والجدولة والمراجعة مثل المطبوعات الورقية: الصحف والمجلات، والإذاعات بعد أن أصبحت الوسائل الحديثة والمنقولة مثل الكمبيوتر المحمول والجوالات تنقل الخبر مكتوبا مع الصورة وتنقله توا وبالحال خلال دقائق من وقوعه.
استطاع الربيع العربي بأحداثه السريعة واتساع دائرته أن يعيد للصحف الورقية بعض ما فقدته من أهمية استلتها الوسائل الجديدة من الإعلام الالكتروني لتكون الصحف شريكا قويا مع التلفزيون والانترنت لتغذي المواقع الالكترونية والمحطات الفضائية بالتغطيات والتحقيقات وكتاب الرأي ونقل الآراء الرسمية ووجهات النظر عبر نشراتها الورقية وموقعها الإلكتروني... فإذا كانت الجامعات العالمية كليات وأقسام الإعلام في مأزق مع طروحات الإعلام الجديد الذي حوله إلى إعلام تقليد كما أن الإعلام التطبيقي أقصى إلى حد ما الإعلام الأكاديمي فإن المؤسسات الصحفية أصبحت هي الحاضن لكل أنماط الإعلام الجديد والتقليدي والتطبيقي والأكاديمي وإعلام المواطن الذي حول كل نشط وغير متخصص وممارس إلى إعلامي.
قد تكون المؤسسات الإعلامية هي المحرك للإعلام الجديد بالمراسلين وكتاب الرأي وتوثيق الأحداث عبر نشراتها الورقية غير الفيلمية (المتحركة) وعبر مواقعها الالكترونية وأرشيفها، وهذا يتطلب المزج مابين الورقي والالكتروني وإعلام المواطن أو إعلام الشارع في المؤسسات الصحفية من خلال تعدد نشراتها في اليوم الواحد الورقي والالكتروني وفي بلادنا يمكن تعدد النشرات حسب مناطق المملكة لتصل إلى (5) طبعات كأن تكون طبعة : الشمال، و الجنوب، والشرق والغرب والوسط توحدها النشرة الالكترونية وكتاب الرأي والإعلانات مع تقليص عدد الصفحات وخفض أسعار البيع أو التوسع في مجانيتها من أجل توسيع دائرة الانتشار... المؤسسات الإعلامية ستجد نفسها مع الربيع العربي وانتقال دوله من حكومات أعاقت حركة شعوبه لأكثر من 30 سنة إلى حكومات ديمقراطية وما سيواكبه من أحداث وتطورت تحتاج معها لجميع وسائل الإعلام.
بالمقابل فإن مؤسساتنا الإعلامية قوية ماليا وإداريا لكنها تحتاج إلى أفكار تطويرية جديدة تمزج ما بين الإعلام الجديد والتقليدي والمزج ما بين المطبوعات الورقية والالكترونية وإعلام المواطن الذي أصبح شريكا في تغطية الأحداث، حيث تنازلت معظم المحطات عن جودة الصوت والصور والتحرير من أجل نقل الحدث، كما اضطرت المؤسسات الصحفية والتلفزيونية أن تغفل جانب مصادر الخبر التي كانت من أهم أساسيات المادة الإعلامية لتقدم الخبر بلا مصادر، كما كسرت تلك المؤسسات تقاليدها في تسلسل الأخبار، وعدم الخلط بين الخبر والرأي في المادة الإخبارية، وأولويات النشر، والتغاضي عن التجاوزات القانونية في الخط الفاصل ما بين التشهير ونشر الخبر، كما أن المؤسسات الإعلامية تناست بعض أخلاقيات المهنة في الألفاظ البذيئة واللغة المحكية لمراسليها والعبارات السوقية والمشاهد المقززة.
لذا تحتاج المؤسسات الصحفية الورقية إلى إعادة النظر للسير بالتزامن من تقنيات الاتصال لتستفيد من ثورة الاتصال والربيع العربي وتسبق الإعلام العالمي الذي لم تهب عليه نسائم الربيع حتى الآن.