أصدرت مؤخراً منظمة الدول المنتجة والمصدرة للبترول (أوبك) نشرتها الإحصائية السنوية لعام 2010/2011/2011م والتي تحتوي على كثير من المعلومات الخاصة بدول المنظمة المتعلقة بإحصائيات البترول والغاز الطبيعي. الملاحظ في تقرير هذه السنة ارتفاع احتياطيات دول المنظمة من البترول حيث ذكر التقرير ارتفاع احتياطيات البترول لدول المنظمة من 1,064 بليون برميل إلى 1,193 وبنسبة تزيد عن 12 % مما يجعل دول المنظمة تمتلك أكثر من 81 % من احتياطيات البترول العالمية بدلاً من 79 % كما كان الحال في عام 2010م. كما ذكر التقرير أيضاً ارتفاعا طفيفا جداً في احتياطيات الغاز العالمية (بالرغم من ارتفاع الإنتاج العالمي لهذه السلعة) وبزيادة تقدر ب 1.5 % معظمه في روسيا وإيران اللتين تحتلان المرتبة الأولى والثانية عالميا في احتياطيات الغاز الطبيعي. الشيئ المهم في هذا التقرير والذي تناقلته وسائل الإعلام الغربية وتجاهلته (مع الأسف الشديد) وسائل الإعلام العربية هوتخلي المملكة العربية السعودية عن المرتبة الأولى عالميا بالنسبة لاحتياطيات البترول بعدما ظلت في هذا المركز لعشرات السنين لدولة فنزويلا التي استطاعت إضافة أكثر من 85 بليون برميل لاحتياطياتها البترولية لتصبح تمتلك (كما تزعم) أكثر من 296 بليون برميل مقابل 264 بليون للمملكة العربية السعودية وبالرغم من احتفاظ المملكة العربية السعودية بالمركز الأول ضمن دول المنظمة إنتاجاً للبترول. الحقيقة أن منظمة أوبك تفتقر لوجود آلية معينة معلنة لحسابات احتياطي النفط وعدم وجود مدقق خارجي يستطيع أن يتحقق من هذه الأرقام وهذه البيانات, مما يجعل بعض هذه الأرقام تفقد أهميتها الاقتصادية والسياسية, فنجد مثلاً دولا تستخدم طرق علمية متقدمة ومتحفظة نوعاً ما, تعطي أرقاماً متحفظة قد تكون أقل من الحقيقة مثل المملكة العربية السعودية ودولا أخرى تفتقد لهذه الآلية وهذه الطريقة المتحفظة مما ينتج عنها أرقام عالية جداً قد تكون بعيدة عن الحقيقة, مما يجعل المتخصصين في قطاع الطاقة والنفط يبدون شكوكهم في هذه الأرقام كما حدث لدولة فنزويلا. كما أن تعريف كلمة احتياطيات البترول قد يختلف من دولة إلى أخرى داخل المنظمة حيث تجد دولاًتعرف احتياطيات البترول بكميات البترول التي يمكن إنتاجها عن طريق التقنيات التقليدية والتقنيات المتطورة غير التقليدية أو ما يعرف بتكنولوجيا تحفيز الإنتاج عن طريق ضخ مواد كيميائية مكفة وغازات خاصة مثل ثاني أكسيد الكربون. وتجد دولاً أخرى مثل المملكة العربية السعودية التي تعرف احتياطيات البترول بكميات البترول التي يمكن إنتاجها عن طريق التقنية التقليدية مثل تقنية ضخ الماء وتستثني تقنيات تحسين وتحفيز الإنتاج التي قد تستخدمها المملكة بعد عشرات السنين لرفع الإنتاج. بمعنى آخر لوأضافت المملكة العربية السعودية احتياطيات البترول التي يمكن استخراجها عن طريق تقنيات تحسين وتحفيز الإنتاج لرتفعت احتياطياتها بمعدل لا يقل عن 20-25 % مما سوف يضع احتياطيات المملكة فوق ال 300 بليون برميل ويحفظ لها المرتبة الأولى عالمياً خلف فنزويلا.
والسؤال المهم هنا يتمثل في معرفة تداعيات هذا الإعلان من قبل فنزويلا والمنظمة؟ من المعروف أن السياسة الإنتاجية لمنظمة أوبك كانت مربوطة بشكل مباشر بمعدل احتياطيات دولها وقدرتها الإنتاجية, فهل سوف تطور فنزويلا قدرتها الإنتاجية الحالية التي تقدر بـ 3 مليون برميل في اليوم وهل ستطالب برفع حصتها الإنتاجية والتصديرية في المنظمة التي تقدر حالياً بأكثر من 2.85 مليون برميل في اليوم؟ أنا لا أعتقد ذلك؛ لحقيقة أن الكثير من احتياطياتها البترولية تتمثل في البترول الثقيل جداً المكلف تطويراً وإنتاجاً مقارنة ببترول المملكة العربية السعودية, ولكن هذا الإعلان يصب بلا شك في مصلحة منظمة أوبك التي ما زلت أعتقد أن دورها المستقبلي لقيادة السوق النفطية العالمية يزيد أهميةً يوما بعد يوم.
www.saudienergy.net