في يوم الثلاثاء الموافق 8-10-1432هـ انتقل إلى رحمة الله الشيخ العلاّمة عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل الذي يطلق عليه محبوه من العلماء والمشايخ وطلبة العلم (شيخ الحنابلة) لما له من فضل في القضاء وطلب العلم وتبليغه للطلاب.
توفي رحمه الله بعد أن تعرض لعارض صحي وأمضى حوالي عاما في المستشفى. وبكى عليه كل محبيه وأبنائه وأقاربه. ويسرني أن أقدم لكل من يعرفه أو يسمع عنه ترجمة وافية عن حياته في طلب العلم وتدريسه للطلاب وأعماله الحكومية التي مارسها سنوات طويلة. وعن جهوده في القضاء.
اسمه ونسبه:
هو الشيخ: عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل بن عبدالله بن عبدالكريم آل عقيل.
ولادته ونشأته:
ولد في عنيزة عام 1335هـ. ونشأ بها في بيت علم وصلاح ودين وفلاح، ومن أسرة فاضلة تربّت على العلم والهُدى من بين علماء أفاضل.
حيث تربى في كنف والده الشيخ الفاضل عبدالعزيز بن عقيل بن عبدالله بن عقيل (1300- 1383) من تلاميذ الشيخ ابن سعدي وغيره من علماء ومشائخ بلده وكان ذا أخلاق عالية محبا للعلم والعلماء. وعمه الشيخ الفاضل عبدالرحمن بن عقيل بن عبدالله بن عقيل (1302هـ) الذي حفظ القرآن ودرس على يد علماء عنيزة وتولى قضاء جازان وتوفي بعنيزة. وأخوه الشيخ عقيل بن عبدالعزيز بن عقيل (ت1365هـ) الذي حفظ القرآن الكريم ودرس على يد والده وعلى يد علماء عنيزة وغيرهم ودرس على يد علماء مكة المكرمة وتولى القضاء في عدة مناطق بالمملكة.
مشائخه ورحلته في طلب العلم:
بدأ الشيخ عبدالله طلب العلم بين يدي والده الشيخ عبدالعزيز بن عقيل وهو أحد المشائخ المشهورين في عنيزة فهو معلمه الأول في باكورة تعليمه حيث كان يتعلم بين يديه في منزله وفي دكانه في سوق المسوكف في عنيزة قبل وجود المدارس النظامية.
ثم انتظم في كتاتيب المطوّع عبدالعزيز بن محمد الدامغ في إحدى مدارس عنيزة وتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة. ثم كان يراجع مع أخيه الشيخ عقيل ما يدرسه في كتّاب الشيخ عبدالعزيز الدامغ.
وعندما افتتحت مدرسة الأستاذ صالح بن صالح عام 1348هـ في حي البرغوش في عنيزة كان الشيخ عبدالله ضمن الدفعة الأولى من طلاب المدرسة، واستفاد من معلمه ابن صالح مجموعة من العلوم والمعارف كما تعلم منه مكارم الأخلاق والآداب.
كما التحق الشيخ عام 1348هـ في سوق الفرعي بعنيزة في مدرسة الشيخ عبدالله القرعاوي فأخذ منه مبادئ علوم التوحيد والحديث والتجويد والنحو والصرف وغيرها من العلوم الدينية والعربية، كما حصل من شيخه عبدالله القرعاوي إجازة بمسلسل حديث المحبة بسنده إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له (يا معاذ إني أحبك فلا تدعنّ دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعِنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
استمر الشيخ عبدالله عند شيخه عبدالله القرعاوي ينهل مما لديه من العلوم النافعة والآداب الحميدة والأخلاق الفاضلة. وفي عام 1349هـ التحق بحلقات العالم الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي ولازمه ملازمة كاملة حتى تعلم علي يديه القرآن والتفسير والتوحيد والحديث والفقه واللغة العربية وغيرها من العلوم الأخرى. كما درس على يد الشيخ عبدالله بن محمد العوهلي في كتاب الرحبية ودرس الحساب.
وكان من أشهر من تتلمذ على يدهم الشيخ عبدالله بن عقيل وأخذ منهم ونهل من علمهم كل من المشايخ: عبدالرحمن بن ناصر السعدي علاّمة القصيم وعمر بن محمد بن سليم رئيس قضاة القصيم ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية وعبدالله بن محمد بن مانع قاضي عنيزة وسليمان بن محمد العمري قاضي الأحساء ومحمد بن الأمين الشنقيطي وعبدالرزاق عفيفي رحمهم الله.
ثم إن الشيخ حفظه الله عندما سافر إلى مكة المكرمة برفقة الشيخ بن سليم مكث في مكة عدة أشهر اتصل خلالها بعلماء وأئمة الحرم الشريف ويتابع دروسهم ومنهم المشايخ: محمد بن أمين الكتبي ومحمد بن عبدالرزاق حمزة وعمر بن حمدان المحرسي التونسي، وكان يحضر حلقات رئيس القضاة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ في مجلسه قرب الحرم.
وعندما كان في قضاء أبي عريش كان له جولات على قرى جازان واللقاء وبعلمائها وأدبائها وأخذ عنهم ومنهم المشايخ: علي بن محمد السنوسي وعبدالله بن علي العمودي وعلي بن محمد بن صالح بن عبدالحق وعلي بن أحمد بن عيسى والبهكلي، كذلك الأديب محمد بن أحمد العقيلي والفقيه عقيل بن أحمد حنين وغيرهم.
والشيخ عبدالله حفظه الله تتنوع مصادر تعليمه على مشائخ عنيزة وعلمائها فكان يأخذ العلم من كل الموجودين في ذلك الوقت حيث قرأ على المحدّث الشيخ علي بن ناصر أبو وادي (ت1361هـ) الصحيحين والسنن ومسند الإمام أحمد بن حنبل ومشكاة المصابيح، كما أخذ عنه الإجازة بها بسنده عن شيخه محدّث الهند نذير حسين (ت1299هـ) كما أخذ عن قاضي عنيزة الشيخ عبدالله بن محمد بن مانع (ت1360هـ) والشيخ محمد بن علي التركي (ت1380هـ) والشيخ سليمان بن عبد الرحمن العمري (ت1375هـ).
ومن تلك الرحلة المباركة في الدرس والتحصيل حفظ الشيخ عبدالله القرآن الكريم وعمدة الأحكام ومتن زاد المستقنع في الفقه وألفية ابن مالك وملحمة الإعراب والأجرومية وغيرها في النحو.
وفي دار الإفتاء توفرت الفرص للشيخ عبدالله لملازمة العلاّمة الشيخ محمد بن إبراهيم واستفاد منه في علمه وأخلاقه الحسنة وسياسته وتعامله مع الناس وحسن تدبيره للأمور وعلاقاته مع العلماء الآخرين.
كما انتظم بين يدي الشيخ محمد للدراسة في حلقات المسجد التي كان الشيخ يعقدها لطلاب العلم في جميع الفنون والعلوم، وامتدت تلك الفترة أكثر من خمسة عشر عاماً وكانت بالنسبة للشيخ عبدالله حافلة بالعلم واستفاد منها فائدة كبيرة في جميع العلوم والمعارف على مجموعة من العلماء الذين تعج بهم الحركة العلمية في الرياض أمثال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبدالرازق عفيفي وغيرهم.
زملاؤه:
للشيخ عبدالله زملاء كان يدرس معهم بين يدي الشيخ عبدالرحمن بن سعدي ومنهم المشائخ: محمد بن عبدالعزيز المطوّع ومحمد بن منصور الزامل وعبدالله بن محمد العوهلي وسليمان بن إبراهيم البسام وحمد بن محمد البسام وغيرهم.
صفاته وأخلاقه:
الشيخ عبدالله يتمتع بخلق جم وأريحية يجدها من يجالسه، ويحسن استقبال ضيفه ويسأله عن أحواله وأبنائه ومن يعرفه، وكل من سمع به أثنى عليه وعلى علمه وأخلاقه، وكان حفظه الله يرحب بضيوفه من أساتذة الجامعات والطلاب والمعلمين وغيرهم من طلبة العلم ممن ينشدون الفتوى أو البحث والاطلاع.
أعماله:
في شهر ربيع الأول 1353هـ أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله الشيخ عمر بن سليم باختيار مجموعة من المشائخ للسفر إلى منطقة جازان ليكونوا قضاة ومرشدين ومطاوعة فكان الشيخ عبدالله ضمن المنتدبين لذلك وعمره لا يتجاوز الثامنة عشرة، حيث سافروا إلى مكة المكرمة وأدوا فريضة الحج في تلك السنة مع موكب الملك عبدالعزيز، وبعد الحج تم تعيينهم في منطقة جازان فكان الشيخ عبدالله مع عمه الشيخ الفاضل عبدالرحمن بن عقيل قاضي جازان، وكان ملازماً وكاتباً للقاضي بالإضافة لقيامه بإمامة المسجد والخطابة والتدريس وأعمال الحسبة في جازان ومكث على ذلك حوالي ثلاث سنوات.
وفي أثناء عمله في جازان أرادت حكومة المملكة تحديد الحدود بين المملكة واليمن من أجل منع النزاع فيها وتشكلت لجنة لذلك كان الشيخ عبدالله أحد أعضاء اللجنة وكانت تتجوّل في أنحاء الحدود بين القبائل في الأشهر شعبان ورمضان وشوال عام1355هـ.
في عام 1357هـ عاد الشيخ عبدالله إلى عنيزة ولازم دروس وحلقات شيخه العلاّمة عبدالرحمن بن سعدي ملازمة تامة واستمر على طلب العلم وحفظ المتون ومراجعة الشروح ومطارحة المسائل مع زملائه الذين يدرسون على شيخه.
وفي شهر رجب 1358هـ أبلغه أمير عنيزة بأن يتوجه إلى الأمير عبدالله بن فيصل بن فرحان في بريدة بأمر الملك عبدالعزيز وعندما قابله أمره بالتوجه إلى الرياض لمقابلة الملك عبدالعزيز، ولما توجه الشيخ عبدالله إلى الرياض قابله في الطريق شيخه عمر بن محمد بن سليم فأخبره بتعيينه رئيسا لمحكمة جازان خلفا لعمه الشيخ عبدالرحمن بن عقيل ولكن الشيخ عبدالله رأى أن في ذلك صعوبة عليه لصغر سنه (اثنتان وعشرون عاماً) فاعتذر عن تلك المهمة فلم يُجْدِ ذلك فاقترح بأن يكون قاضياً في محكمة أبي عريش بدلا من الشيخ محمد بن عبدالله التويجري وينقل هذا إلى محكمة جازان لأنها أصغر حجماً وأقل عملاً وأخف في المهمة. فاستحسن الشيخ عمر بن سليم هذا الرأي فكتب إلى الملك عبدالعزيز فأصدر أمره بأن يتوجّه الشيخ عبدالله إلى أبي عريش وأشعروا الجهات المختصّه بتنفيذ الأمر وباشر الشيخ عمله الجديد في رمضان 1358هـ وجلس فيها مدة سبع سنوات.
وبتاريخ 7-3-1360هـ تم نقل الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل إلى محكمة فرسان وسافر إليها بحراً على سفينة شراعية ولم يبق فيها طويلا سوى سبعة أشهر فقط كان خلالها يتنقّل بين الجزر المجاورة قاضياً وداعياً ومرشداً وواعظاً.
ثم بتاريخ 1-10-1360هـ أُعيد إلى محكمة أبي عريش مرة أخرى ولبث فيها خمسة أعوام أخرى متتالية، وفي فترة القضاء في أبي عريش كان الشيخ عبدالله مستمراً على طلب العلم والمطالعة في أمهات كتب الفقه والتوحيد والحديث وغيرها، كما كان يأخذ عن قاضي أبي عريش السابق الشيخ عبدالله بن علي العمودي وكذلك أخذ عن قاضي جازان السابق الشيخ علي بن محمد السنوسي.
وفي شهر رمضان المبارك عام 1365هـ وبتوجيه من مفتي المملكة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم تم نقله إلى محكمة الخرج بدلاً من الشيخ المتقاعد سالم بن ناصر الحناكي ومكث فيها عاماً واحداً فقط وكان يتولى القضاء والإمامة والخطابة وتدريس الحسبة. وكان في تلك الفترة على اتصال بسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم يدرس بين يديه ويستشيره في أمور القضاء، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز قاضي الدلم وكان يزوره ويستفيد منه.
وفي شهر شوال عام 1366هـ صدر الأمر بنقله إلى المحكمة الكبرى بالرياض وتولى أعمال القضاء فيها بجانب الشيخ إبراهيم بن سليمان والشيخ سعود الرشود وجلس فيها قرابة خمس سنوات.
استمر الشيخ عبدالله في قضاء الرياض حتى عام 1370هـ حيث أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بنقل الشيخ عبدالله إلى مسقط رأسه عنيزة خلفا للشيخ عبدالرحمن بن عودان فأخذ الشيخ يجتهد في القضاء داخل بلدته وهو يستمر في طلب العلم بين يدي شيخه عبدالرحمن بن سعدي واستفاد منه وكان على اتصال بسماحة الشيخ عبدالله بن حميد قاضي بريدة لمدة خمس سنوات.
وعندما أنشئت دار الإفتاء بالرياض صدر أمر الملك سعود رحمه الله بتاريخ: 1-9-1375هـ بنقله إليها وكان يرأسها سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله والشيخ عبدالله بن عقيل عضوٌ فيها وبقي حتى عام 1389هـ.
وفي أثناء عمله في دار الإفتاء كان يشارك في مجلة الدعوة الأسبوعية حيث عهد إليه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بصفته أحد تلاميذه وعضوا في دار الإفتاء بإصدار صفحة الفتاوى في كل عدد يصدر من المجلة تتولى الإجابة على استفتاءات الناس التي ترد للمجلة فالتزم الشيخ بذلك وبذل جهداً كبيراً للإجابة على ما يرده من أسئلة من المواطنين وغيرهم حتى وصل عدد ما صدر من تلك الفتاوى ما يقارب (657) فتوى ما بين مطوّلة ومختصرة في أصول الدين وفروعه وفي الأدب والتاريخ وغيرها، أرجو أن يهيئ الله لها من ينشرها لينتفع بها الناس.
وفي عام 1387هـ رشحه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم لعضوية مجلس الأوقاف الأعلى فكان مندوباً لدار الإفتاء في المجلس. وعندما أعيد تشكيل المجلس استمر في عضويته بترشيح من وزير العدل الأسبق الشيخ محمد الحركان وبقي فيه حتى أحيل للتقاعد.
وبعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عام 1389هـ أمر الملك فيصل رحمه الله بتشكيل لجنة للنظر في المعاملات الموجودة في مكتب الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وتم اختيار الشيخ عبدالله لرئاسة تلك اللجنة وعضوية كل من المشايخ: محمد بن عودة وراشد بن خنين وعبدالله بن منيع وعمر بن مترك وقامت اللجنة بعملها خير قيام.
وبعد أن انتهت اللجنة من عملها التي كُلفت به حتى صدر الأمر بنقل الشيخ عبدالله بن عقيل بتاريخ 1 -9-1391هـ ليكون عضواً في هيئة التمييز مع المشايخ محمد بن جبير ومحمد البواردي وصالح بن غصون ومحمد بن سليم ورئاسة الشيخ عبدالعزيز بن ناصر الرشيد.
وعندما صدر الأمر بتشكيل الهيئة القضائية العليا عام 1392هـ برئاسة الشيخ محمد بن جبير كان الشيخ عبدالله بن عقيل عضواً فيها بمعية المشايخ عبدالمجيد بن حسن آل الشيخ وصالح اللحيدان وغنيم المبارك.
كما تم في شعبان 1395هـ تشكيل مجلس القضاء الأعلى برئاسة معالي وزير العدل الشيخ محمد الحركان وعُيّن الشيخ عبدالله بن عقيل عضواً في الهيئة الدائمة لمجلس القضاء الأعلى بدرجة رئيس هيئة تمييز، وبعدها بمدة صار الشيخ رئيساً لتلك الهيئة بالإضافة لعضوية المجلس في هيئته الدائمة.وبعد ما تم نقل الشيخ محمد الحركان من مجلس القضاء الأعلى إلى رابطة العالم الإسلامي وتعيين الشيخ عبدالله بن حميد خلفاً كان الشيخ عبدالله بن عقيل كثيراً ما يترأس المجلس الأعلى للقضاء نيابة عن الشيخ بن حميد أثناء سفره للعلاج أو تكليفه بأعمال أخرى حتى التقاعد.
وبعد التقاعد استمر الشيخ عبدالله بن عقيل في طلب العلم وترأس بعض اللجان التي يتم تشكيلها مثل: اللجنة التي أنشئت للنظر في شرعية معاملات شركة الراجحي المصرفية للاستثمار وتصحيح سير معاملاتها ليكون بنكاً إسلامياً بلا فوائد ربوية بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية وكان رئيساً لها وكان سكرتير اللجنة ابنه الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن عقيل وعضوية كل من المشايخ صالح الحصيّن وعبدالله بن منيع وعبدالله البسّام ومصطفى الزرقاء والدكتور يوسف القرضاوي والدكتور عبدالله الزايد والدكتور حمد الجنيدل، وقامت بعملها اعتباراً من تاريخ 8-4-1409هـ.
كما كان عضواً مندوباً في اللجنة العلمية المكلفة بتحديد حرم المدينة النبوية والمؤيدة من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله التي اعتمدت رأيه في ذلك.
كما أن مجلس كبار العلماء رأى تشكيل لجنة جديدة تضم الشيخ عبدالله بن عقيل مع كل من المشايخ: عبدالله البسّام وعبدالله بن منيع وعطية محمد سالم وأبو بكر الجزائري والسيد حبيب محمود أحمد مع لجنة فنية وسكرتارية ابنه الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن عقيل.
وقد عاصر الشيخ عبدالله بن عقيل القضاء بالمملكة منذ عام 1354هـ حتى أحيل للتقاعد عام 1406هـ أي ما يقارب (53) سنة.
وبعد ما تقاعد الشيخ عبدالله عن العمل الحكومي لم يقاعده ذلك عن العلم وأهله بل كان يسعى في طلبه تعلماً وتعليماً حيث فرّغ نفسه للطلاب والفتوى في كل وقت كما كان في كل أوقاته منشغلاً مع طلاب العلم في البحث والدراسة والفتوى حيث يأتيه الطلاب في مجلسه منذ مدة طويلة وفي كل وقت وكان منزله مفتوحاً لطلبة العلم من أساتذة وطلاب الجامعات بعد صلاة العصر والمغرب والعشاء والفجر في أغلب الأحيان حسب ما يناسب كل منهم للقراءة والبحث في الفقه والحديث والتوحيد والعقيدة وأصول الفقه والنحو والتفسير وعلوم اللغة وغيرها، كما يوجد في منزله مكتبة كبيرة تضم أمهات المراجع الدينية والعلمية لجميع العلماء والمؤلفين.
كما أن للشيخ تعليقات كثيرة على بعض المسائل الفقهية والقضايا الشرعية وشروحات منوعة لطلابه، وكان بينه وبين شيخه الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رسائل علمية كثيرة طُبعت في كتاب (الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة) اعتنى بها وعلّق عليها هيثم بن جواد الحداد بإشراف ومراجعة الشيخ عبدالله، وقد اطلعت على طبعتها الثانية المصححة والمنقحة من دار ابن الجوزي عام1420هـ. وفي ثنايا الكتاب ترجمة وافية عن الشيخ.
والشيخ عبدالله بن عقيل حفظه الله يثني في حديثه على ولاة أمرنا أعزهم الله ملكهم وسددهم كما يذكر دور الملك عبدالعزيز رحمه الله في استتباب الأمن بسبب تطبيق الشريعة السمحة والقضاء على الجهل والمرض والفقر، كما يثني على دور القضاة في تبصير الناس وإرشادهم وتوجيههم، كما يثني على ميزات القضاء في المملكة واستقلاليته عن المؤثرات والتعامل مع الخصومات وإن القاضي له الخيار بأن يحكم بالنهج الإسلامي، وأن الشعب السعودي شعب مسلم ومقتنع بوجوب التحاكم إلى الشريعة الإسلامية.
توفي الشيخ عبدالله بن عقيل يوم الثلاثاء 8-10-1432هـ وصلي عليه يوم الأربعاء التالي في جامع أم الحمام في الرياض ودفن فيها. غفر له وأسكنه جنات النعيم مع الكرام البررة، وجعل ما قدم لأمته الإسلامية في ميزان حسناته.
المراجع:
1- الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة، رسائل الشيخ عبدالرحمن بن سعدي إلى تلميذه الشيخ عبدالله بن عقيل، علّق عليها هيثم بن جواد الحداد، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، دار المعالي عمّان، الطبعة الثانية 1420هـ.
2- علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم، صالح بن سليمان العمري، الجزء الثاني، الطبعة الأولى 1405هـ.
3- علماء نجد خلال ثمانية قرون، الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام، دار العاصمة، الطبعة الثانية 1419هـ.
4- روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين، محمد بن عثمان القاضي، مطبعة الحلبي، الطبعة الثانية، 1403هـ.
5- مجلة العدل، تصدر عن وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية، العدد الثاني، ربيع الآخر 1420هـ صفحة (209ـ214).
الرس