يبدو أن المحفزات والإجراءات العقابية في برنامج نطاقات ليست كافية ولن تحل المشكلة بصورة كاملة أو حتى التقليص منها بالصورة التي يتوقعها المسئول الذي أقر هذه الحزمة، لأن أطراف المشكلة ليست فقط هي وزارة العمل والشركات والمؤسسات الأهلية (القطاع الأهلي) بل هناك طرف ثالث وهو طالب أو طالبة العمل من المواطنين ونشير إلى الطرف الثالث بالمستفيد طالب العمل حيث إن أغلب الشركات والمؤسسات الفردية لا يجد فيها العنصر الأهم (طالب العمل) الأمن الوظيفي والتدرج بسلم وظيفي ومحفزات بالنسبة للرواتب والمكافآت التي تضمن حياة كريمة ومستقرة لطالب الوظيفة إضافة إلى أن أي خلافات عمالية تخضع للجان عمالية (الابتدائية-العليا) وهذه اللجان تأخذ وقتا للبت في هذه القضايا العمالية ويحتاج إلى متابعة سواء عن طريق (العامل-العاملة) في هذه اللجان أو دفع مبالغ لمحامي أو وكيل للدفاع عن العامل لدى هذه اللجان، وخلال فترة البت في هذه القضايا ما هو مصير العامل أو العاملة دون دخل؟، وقد تستغرق سنين ومن أين له أن يصرف على نفسه وعلى أسرته دون وجود ضمان لهذا العامل (ضمان بطالة اجتماعي). لذا نجد أن الشخص طالب الوظيفة (العامل) يبحث عن عمل حكومي يوفر له الاستقرار (الأمن الوظيفي) والتدرج في السلم الوظيفي, والمزايا الأخرى.
المشكلة التي يعاني منها صاحب العمل هي عدم استمرارية العامل وتحقيقه للاستفادة من هذا العامل بالصورة المطلوبة إضافة لعدم وجود تدريب لهذا العامل يؤهله للقيام بالعمل المناط به خاصة أن هذا العامل يرى في هذا العمل عملا مؤقتا حتى يجد فرصة أخرى ولاسيما في العمل الحكومي أو الشركات والمؤسسات شبه الحكومية ذات الأمن الوظيفي والحوافز المغرية والرواتب المغرية مثال شركة أرامكو السعودية أو سابك أو شركة الكهرباء والمياه وغيرها.
ومن نتائج هذا البرنامج أنه سوف يطرح سلبيات أكثر من الإيجابيات مثل إغلاق كثير من هذه الشركات والمؤسسات بسبب إيقاف الخدمات ونقل عمالتها المدربة بدون موافقتها (الشركة أو المؤسسة).
معالي وزير العمل صرح أن 40% من الشركات المتوسطة والصغيرة سوف تقع في النطاق الأصفر والأحمر، لكن ما لم تتضح الرؤية بخصوصه حتى الآن هو مصير العمالة في هذه الشركات، وإلى أين يتجهون فضلاً عن عدد تلك العمالة في هذه الشركات.
هذا الأمر يجعل العامل الوافد الذي قدم للعمل حسب تأشيرة صادرة من الجهات الرسمية يتحمل وزر المؤسسة أو الشركة (الكيان) في حالة عدم التزام الكيان بالنسب المقررة في توطين الوظائف حيث إن هذه العمالة سوف تصبح بلا راتب وبلا حقوق في حالة إيقاف الكيان من قبل الجهات المقررة لهذا البرنامج (نطاقات) خاصة بالمؤسسات المتوسطة والصغيرة وقطاعات النشاط الخدمي ومن غير المعقول أن تجد كل هذه العمالة فرصة لنقل كفالتهم، وبالطبع هذه العمالة ليس لديها علم بأن صاحب العمل خلال التعاقد معها في بلدها أنه لم يحقق النطاق الممتاز أو الأخضر وأنه سوف يقع تحت طائلة الإجراءات العقابية.
سوف تكون هناك عمالة سائبة بدون عمل ودون حقوق حتى لو تم السماح لهم بالانتقال للمؤسسات الواقعة في النطاق الممتاز والنطاق الأخضر من يستخرج لهم حقوقهم السابقة (بدل نهاية الخدمة والإجازات) وغيرها من المستحقات السابقة. سوف تكون هناك سلبيات لا حصر لها في حالة تطبيق هذا العقاب (اقتصادية، إنسانية، اجتماعية) وغيرها إذا علمنا أن هناك أكثر من ستة ملايين ونصف من العمالة الوافدة تعمل في القطاع الخاص حالياً.
لذا يجدر بنا التريث في تطبيق القرار حتى يمكن إيجاد حلول واستراتيجيات طويلة المدى تضمن الجودة والاستمرارية والعدل لكافة أطراف المشكلة. بما أن المشكلة (البطالة) والحلول المقترحة (التوطين) هي ذات أبعاد ثلاثة فلابد من حلول إيجابية عادلة ترضي الجميع وتعود بالفائدة على الوطن والمواطن.
أرى من وجهة نظري أن تكون هناك إستراتيجية بعيدة المدى لإحلال المواطنين من طالبي العمل من الجنسين لتكون حلولاً لا تعتمد على أن المشكلة ذات محور واحد وهو صاحب العمل (شركات-مؤسسات أهلية) ولكن الحل هو الاعتراف أن المشكلة لها محاور ثلاثة هي وزارة العمل والقطاع الخاص (الشركات والمؤسسات) وطالب العمل، وكيف نوفق في وضع إستراتيجية لحل هذه المعضلة التي تقلق الدول وتسبب مشاكل وسلبيات لا حدود لها خاصة أن معدل نسبة الشباب العمرية تصل إلى 60% وفي تصاعد مستمر خاصة أن الغالبية العظمة غير مهيأة لسوق العمل والتخصصات المطلوبة حسب احتياجات سوق العمل غير متوفر حاليا بالصورة المطلوبة.