لأن المواطنين يعرفون عقلية الموظفين الحكوميين، ويعرفون أساليبهم في العمل وفي إصدار التصريحات، فإنهم لم يقتنعوا بما قرأوه من أن صندوق التنمية العقاري سوف لا يوقف قروض المواطنين الذين بنوا وحداتهم السكنية بعد التقديم على القرض، وأن الأيقاف سيقتصر على من لديهم مساكنَ قبل التقديم للصندوق. كما شككوا في ما قاله مسؤولو الصندوق، من أنهم سيضعون آليات جديدة تحقق العدالة وتمنح القروض لمستحقيها وفق قوائم الانتظار المسجلة لديهم، وأنهم حريصون على التيسير على المواطنين وتسهيل إجراءاتهم.
العلاقة بين المواطن والصندوق، كانت دوماً علاقة هشة، مبنية على عدم الثقة بين الطرفين، وذلك لأن الصندوق دأب على التعامل مع المقترض بفوقية وباستعلاء، إلى الدرجة التي صار المواطن فيه يشعر بأن القرض ليس من الدولة، بل من جيوب مسؤولي الصندوق، على الرغم من تفهم القيادة السياسية لاحتياجات المواطنين السكنية، وضخها للمليارات لخزينة الصندوق، ولكن بلا فائدة ! ويبدو أن الخلل ليس في المقترضين، ولكن في الأذرعة التي تسيِّر الماكينة الإقتراضية. ولو أن مجلس إدارة الصندوق جلس جلسة مكاشفة بيضاء، لمناقشة السلبيات الراهنة، يتم فيها استعراض تجارب الإقراض الناجحة عالمياً، لكان في الإمكان الوصول الى نتائج تخدم الطرفين، بدلاً من أن يكون الحل الوحيد دائماً هو التضييق على المقترض الغلبان !