ابتسمت حين قرأت في موقع الجريدة، أعني الجزيرة، في رابط شارك برأيك، عن فكرة جميلة وهي ابتكار بعض الجامعات السعودية برامج نفسية لتأهيل الطلاب المستجدين، وسألت نفسي: من سينظم، إذن، برامج نفسية لتأهيل الطلاب المرفوضين للعودة إلى الحياة والأمل والمستقبل من جديد؟
كل عام، ورغم عدد الجامعات الهائل في السعودية، تواجهنا مشكلة قبول خريجي الثانوية وخريجاتها، وتورط أولياء الأمور بأبنائهم وبناتهم في معاناة بطالة مبكرة، وحرمان من التعليم الجامعي، لأن هناك ممن يحلم بأي مقعد جامعي، في أي كلية كانت، المهم ألا يفتح حواراً لا ينتهي مع جدران غرفته!
وحين وصلتني رسالة من قارئ عانى الكثير في أمر القبول، حاولت أن أتجاهلها مراراً، لأن هذا الموضوع أصبح مملاً، ولا جدوى من الكتابة حوله، لكنني كلما فتحت إيميلي عدت إلى الرسالة وقرأتها من جديد، فانظروا ماذا قال: (تخرجت من الثانوية العامة بتفوق وبنسبة 99.19 والقدرات 77 في هذه السنة 1432هـ، وكنت أحلم أن أبتعث إلى الخارج لدراسة الطب، المهم بدأت رحلتي مع الحلم الضائع، فقدمت أوراقي على أغلب جامعات المملكة، هل تصدق لم يقبلني أحد في تخصص الطب، إلا التسجيل الموحد في جامعة الملك سعود، حيث تم قبولي في جامعة المجمعة، تخصص طب أسنان، الحمد لله، قلت لنفسي، يا لله يا أبا الأحلام شد الرحال إلى مدينة الأحلام (المجمعة)، لإجراء المقابلة الشخصية، تحديداً في الزلفي، بعد المقابلة قال لي موظف هناك، لعلمك المقبولين مبدئياً 90 طالباً، لكن نحن نريد منهم 30 طالباً فقط. يعني بالعربي تحتاج إلى واسطة... بدأت رحلة الحلم في البحث عن واسطة، فوجدت رجل خير، يعلم الله أنني لا أعرفه، لكنه شهم يبحث عن الخير للناس، فسخّره الله لي وتيسرت أموري... فيما يخص البعثة قدمت في سابك ولم يتم قبولي، قدمت في أرامكو ولم يتم قبولي، وقدمت في برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي ولم يتم قبولي أيضاً! بالعربي أو الإنجليزي أو بالهندي أو الأوردو يا أستاذ يوسف (يبغى لك فيتامين واو) يعني واسطة، ما ذنبي وقد بذلت جهدي وتعبت، بس بقي هاذي الواسطة، طيب المساكين اللي يتخرجون السنة القادمة أو التي بعدها من الذين لا يحملون هذا الفيتامين اللعين أين سيذهبون، هل ستضيع أحلامهم؟!)
أكتفي بهذا الجزء من رسالة القارئ أيمن، وأضع بين يدي وزير التعليم العالي ومدراء الجامعات في البلد معاناة هؤلاء الطلاب والطالبات، والمعاناة الأكبر لأولياء أمورهم، فلا أسوأ من أن تعجز كأب أو أم عن دعم ابنك أو ابنتك في إحدى مراحل حياته، لأن الأمر المحزن ليس أن لا يتم قبول الطالب في رغبته أو طموحه، بل ألا يقبل إطلاقاً، ويبقى عاطلاً ومحروماً من التعليم، صحيح أنه لو أتيحت له فرصة التعليم سيصفُّ في النهاية، وبعد أربع سنوات، في طابور المليون ونصف مليون عاطل، المسجلين في برنامج حافز، التي أعلنها وزير العمل الأسبوع الماضي، لكن أمر التعليم يختلف تماماً عن التوظيف، فهو حق للجميع، حتى في مرحلته الجامعية.