يقوم بعض الناس بوضع أجهزة ذات حساسية للضوء تتحكم بمصابيح الإضاءة في الساحة الخارجية للمنزل شبيهة بأعمدة الإضاءة في الطرق والشوارع، بحيث تضيء تلقائيا بعد غروب الشمس وتنطفئ حال شروقها.
ومن خلال متابعتي لهذه العملية التقنية في منزلنا إبان شهر رمضان لاحظت أنها لا تضيء حال رفع أذان المغرب بل بعد نهاية الأذان بدقيقتين تقريبا، كما أنها لا تنطفئ إلا بعد عشرين دقيقة من أذان الفجر! وبرغم ذلك كنت أفطر مع الناس وأمسك معهم، وفي قلبي شيء من الأمر!
وبعد بحث وجدت حديثا للشيخ الألباني يقول فيه: (هذه مصيبة ألمّت بالكثير من الأقاليم الإسلامية حيث إنهم يحرمون الطعام قبل دخول وقت التحريم ويصلون الفجر قبل دخول الوقت، فهم يؤذنون لصلاة الفجر قبل الفجر الصادق بنحو ثلث ساعة، أي قبل الفجر الكاذب أيضا! وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها، ويستعجلون أداء الفريضة أيضا قبل وقتها في شهر رمضان. وفي ذلك تضييق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام وتعريض لصلاة الفجر للبطلان، بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي وإعراضهم عن التوقيت الشرعي).
ويبدو أن هناك خلطا بين دخول الفجر الصادق والفجر الكاذب. فالصادق يمتد واضحا جليا ظاهراً للعيان من الشمال إلى الجنوب، والكاذب من الشرق إلى الغرب ويكون إلى منتصف السماء. وفي أول ظهور الفجر الصادق يدخل وقت الصلاة ولا يشترط أن يكون واضحا قوياً داخل المدن المضاءة بالأنوار حيث يكون أوضح في الأماكن البعيدة عن الأضواء. والصادق ليس بينه وبين الأفق ظلمة بل النور متصل به، وأما الكاذب فبينه وبين الأفق ظلمة، فلا يمتد النور إلى آخر الأفق، بل يبقى! والصادق لا يظلم بل يزداد قوة حتى تطلع الشمس. ويكون الكاذب أبيضاً، والصادق مشوباً بحمرة. والعمل على هذا عند أهل العلم السالفين أنه لا يحرُم على الصائم الأكل والشرب حتى يظهر الفجر المعترض مصداقا لقوله تعالى {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } (187) سورة البقرة.
روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي أن أبا بكر رضي الله عنه قال له:» اخرج فانظر هل طلع الفجر، قال: فنَظَرت ثم أتَيْتُه فـقلت: قد ابْيَضَّ وسَطَع، ثم قال اخرج فانظر هل طلع الفجر، فنظرت فقلت: قد اعترض فقال: الآن أبلغني شرابي».
وما زادني يقينا تجديد الشيخ عبد المحسن العبيكان مطالبته بتعديل الخطأ الموجود بتقويم أم القرى خاصة في مواعيد أذان الفجر، وإشارته الصريحة إلى أن طلوع الفجر الصادق يخرج بعد17دقيقة من التقويم الحالي ودعا للإمساك بعد الأذان احتياطا، وألا يصلى الفجر ولا حتى السنة إلا بعدها، وعدم الاكتفاء بالتعديل 3 دقائق الذي تم مؤخرا. ويرى أن الاختلاف في التقويم ليست مسألة علمية بل تطبيقية، ويلزم الخروج للصحراء لتحديد طلوع الفجر بشكل دقيق.
وعليه حريّ بهيئة كبار العلماء ووزارة الشؤون الإسلامية إعادة النظر وتعديل أخطاء دخول وقت الصلاة حسب تقويم أم القرى الحالي؛ فقد يخفف ذلك على بعض الناس الذين أكلوا أو شربوا أثناء سماع الإقامة لظنهم أنه وقت أذان الفجر والإمساك عن الطعام، ثم اضطروا لقضاء ذلك اليوم.
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net