لا أحد يقف أمام عجلة التطور والنمو والازدهار في مدينتنا المترامية الأطراف، وما المشاريع التي تنفذها جهات عديدة في مدينة الرياض إلا حلقة في سلسلة خطوات النمو والتطور والنهضة وجميعنا نشد على أيدي القائمين عليها ونتطلع لليوم الذي ينجز فيها جميع الأعمال لنجد أحياءنا بدون حفريات بعد أن انتشرت في معظم أحياء الرياض بحيث تحولت طرق المدينة إلى شبه متاهات وخنادق وأفخاخ للسيارات وباتت المحال والمعارض التجارية والخدمية الواقعة على بعض الطرق التي تجري فيها أعمال الحفر منذ شهور شبه معطلة، لتعذر وصول الزبائن إليها، إلى جانب المخاطر المحيطة بمواقع العمل والضوضاء التي تحدثها الآليات الثقيلة وانتشار الغبار وغير ذلك من الأمور التي تقود إلى عزوف الجمهور عن ارتياد هذه المناطق بالكامل.
وفي الوقت الذي نقر فيه بأن الأعمال الكبيرة والرائعة التي تنفذ هنا وهناك وتتسبب بإنشاء حفريات متنوعة موزعة على طول الطريق وعرضه إنما انطلقت من أجل خدمة الناس والتخفيف عليهم وتطوير أحيائهم والارتقاء بها وهذه الأمور مجتمعة تخدم الجميع لكن مع وقع الحياة المتسارعة أصبحت الاختناقات المرورية التي غالباً ما تكون نتيجة طبيعية لوجود الحفريات متناثر على الطرق تقلق الجميع وتتسبب في حوادث ومشاكل اجتماعية واقتصادية، ويعود السبب في كثير من الأحيان إلى أن الشركات المنفذة للمشاريع تقوم بحفر الموقع وتركه لشهر أو شهرين وأحياناً لمدة أطول وفي كثير من الحالات يتم تأهيل الطريق ومعالجة بعض الأمور فيه ثم يعاد حفره مجدداً لأجل إنجاز أعمال أخرى وفي ذلك ضياع للوقت وللجهد وللمال.
والملاحظ عدم ظهور حلول تلوح بالأفق للحد من تكرار تلك الحفريات بل إنها في ازدياد.
خذ على سبيل المثال خدمات الاتصالات، ففي الوقت الحالي هناك تنافس شديد بين الشركات المشغلة في إيصال كوابل الألياف البصرية إلى كل بيت ( FTTH ) وما ينجم عنه من إعادة الحفريات في غالبية الأحياء لاستبدال الشبكة النحاسية القائمة بشبكة ألياف بصرية والخوف أن يلجا كل مشغل إلى تنفيذ حفرية خاصة به.
لذا أقترح سرعة التنسيق بين الشركات المشغلة وهيئة الاتصالات والبلديات بوضع آلية لذلك بحيث لا يسمح إلا بحفرية واحدة ولمرة واحدة لكامل الحي، تمدد فيها قنوات وتخصص لكل مشغل عددا محددا من القنوات تصل إلى كل وحدة. وبالتالي نكون قد خدمنا الجميع بتقليل الحفريات وإعطاء المواطن والمقيم باختيار الشركة المشغلة التي تقدم أفضل الحلول وأقل الأسعار وكذلك خدمة المشغلين بتقليل تكلفة التنفيذ والأهم الحد من تكرار الحفريات.
والمثال الثاني على استمرار الحفريات أن المخططات المطورة يلزم المطور بإيصال الكهرباء للمخطط وتركيب المحطات في المخطط فقط أثناء التطوير ولذا كانت الحاجة لأعمال الحفر المتكرر إلى كل عميل عند طلبه للخدمة وبالتالي الاستمرار في الحفريات في المخطط إلى أن يكتمل جميع المخطط.
ولمعالجة هذه الظاهرة أقترح إنشاء شركات كبرى مساهمة متخصصة في تنفيذ البنية التحتية على أن يكون لها شراكات مع شركات عالمية متخصصة، وأن ينضوي تحتها من يرغب من المقاولين الحاليين من خلال تخصيص أسهم لهم من أسهم تلك الشركات ويمكن أن تساهم فيها شركات الخدمات.
وللحد من تكرار الحفريات في الشوارع والأحياء الحالية لا بد من تنفيذ احتياجات الحي مرة واحدة من خلال تلك الشركات. أما بالنسبة للمخططات الجديدة فلا بد من تنفيذ البنية التحتية لجميع الخدمات في قنوات لجميع المخطط كما هو معمول به في كثير من دول العالم على أن تؤجر لكل شركة خدمات قنوات حسب احتياجاتها.
ومن هنا يتطلب الأمر أن يكون للبلديات الدور البارز والرائد والقوي في تنظيم هذا العمل بالتنسيق مع هيئة الاتصالات وهيئة تنظيم الكهرباء والوزارات ذات العلاقة، وتفعيل دور مكاتب التنسيق والمأمول أن تطلع البلديات بتنفيذ البنية التحتية للخدمات من خلال شركات مساهمة متخصصة بتنفيذ هذه البنية والإشراف على عملها بشكلٍ دؤوب.