استمر استقرار أسعار البترول في الأسواق العالمية كما كان عليه الحال في الأسابيع والأشهر القليلة الماضية حيث أصبح التذبذب الشهري والأسبوعي لأسعار البترول لا يتعدى 5-10% كدلالة واضحة على استمرار واستقرار أوضاع السوق النفطية العالمية الإيجابية بما في ذلك توازن العرض والطلب كنتيجة متوقعة للسياسة الاحترازية الإيجابية والفعالة لمنظمة أوبك ودولها الرئيسية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وبالرغم من الأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط والنقص في الإمدادات الناتج عن هذه الأحداث. استمر المعدل السعري الشهري لسلة أوبك قريباً من 110 دولارات للبرميل كنتيجة متوقعة لسياسة رفع الإنتاج من قبل بعض دول منظمة أوبك لسد هذا النقص في إمدادات البترول خاصة نفط ليبيا كدلالة واضحة على دور منظمة أوبك الرئيسي والإستراتيجي لقيادة دفة السوق النفطية العالمية وحمايته من الأمواج العاتية التي تحاول الإطاحة به من كل مكان سواء كانت أمواج سياسية كما يحدث في منطقة الشرق الأوسط أو أمواج اقتصادية كما يحدث في منطقة اليورو الأوروبية أو أمواج طبيعية كما حدث مؤخراً في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية.
هذه الأمواج العاتية والتي لا يعلم أحد مداها ومتى تنحسر جعلت بعض المنظمات الدولية الاقتصادية تستمر في خفض توقعاتها المستقبلية للنمو الاقتصادي العالمي وأرغمت منظمة أوبك والوكالة الدولية للطاقة إلى خفض توقعاتها المستقبلية للنمو الاقتصادي العالمي والطلب العالمي على البترول في الفترة المتبقية من عام 2011م وعام 2012م مقارنة بتوقعاتها الماضية, حيث أشار التقرير النفطي الشهري لمنظمة أوبك إلى خفض توقعات المنظمة للنمو الاقتصادي العالمي من 3.7% إلى 3.6% في الفترة المتبقية من عام 2011م ومن4.0% إلى 3.9% لعام 2012م نتيجة طبيعية لانخفاض معدلات النشاطات الصناعية في الدول الرئيسية الصناعية خاصة أمريكا ودول الاتحاد الأوربي واليابان ولأول مرة في الصين. أشار أيضاً التقرير النفطي الشهري لوكالة الطاقة العالمية انخفاض توقعاتها المستقبلية للطلب العالمي على البترول بمعدل 200 ألف برميل في اليوم فيما تبقى من عام 2011م وأكثر من 400 ألف برميل في اليوم في عام 2012م مقارنة بمعدلات النمو المعلنة من قبل الوكالة سابقاً ليصبع الطلب العالمي على البترول 89.3 مليون برميل في اليوم لعام 2011م وأكثر من 90.7 مليون برميل في اليوم لعام 2011م.
الحقيقة أن دور منظمة أوبك في قيادة سفينة النفط العالمي يزيد يوماً بعد يوم خاصة بعد نشرها للتقرير الإحصائي لعام 2010 و 2011م كما ذكرت في مقال الأسبوع الماضي الذي أشار إلى رفع احتياطيات دول منظمة أوبك بمعدل 12% مما يعد ضربة موجعة لكل من كان يشكك في دور المنظمة الرئيسي وضربة تحت الحزام لمن كان يطبل لنظرية ذروة إنتاج البترول التي أخطأت في تنبؤاتها بقرب نضوب البترول وقرب دخول العالم في نفق مظلم خالي من الطاقة البترولية والتي أثبتت أوبك فشلها نظرياً وعملياً وتاريخياً. لقد استطاعت دول المنظمة العام الماضي اكتشاف وإضافة كميات كبيرة من النفط لاحتياطياتها تفوق الكميات السنوية المنتجة من قبل دول المنظمة التي تقدر بأكثر من 10 بلايين برميل مما يدعم موقعها في خريطة العالم البترولية ويؤكد دورها الإستراتيجي لقيادة دفة السوق البترولية العالمية وحمايتها من هذه الأمواج العاتية خاصة مع استمرار تطبيق إستراتيجياتها المتوازنة بقيادة المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الأعضاء في المنظمة.
www.saudienergy.net