الجزيرة - الرياض
خفضت مؤسسة موديز التصنيف الائتماني لبنكين فرنسيين أمس الأربعاء وعزت ذلك لتعرضهما إلى ديون اليونان وهو ما يبرز المخاطر المتزايدة على القطاع المالي الأوروبي جراء أزمة ديون منطقة اليورو المتفاقمة. وجاء خفض التصنيف الائتماني لسوسيتيه جنرال وكريدي أجريكول درجة واحدة قبل ساعات من مؤتمر بالهاتف من المقرر أن يعقده زعماء اليونان وفرنسا وألمانيا لبحث إجراءات لدرء احتمال تخلف اليونان عن سداد ديون الذي أثار انزعاجاً عالمياً متزايداً من التداعيات المحتملة. ووفقاً لـ»رويترز» ضمت الصين صوتها إلى الولايات المتحدة أمس الأربعاء في مخاوفها بشأن عجز أوروبا الواضح عن الحيلولة دون تفاقم أزمة الديون بينما قال مسؤولون هنود وبرازيليون إن الاقتصادات الناشئة الرئيسية تبحث زيادة حيازاتها من ديون منطقة اليورو. وأبقت موديز بي.إن.بي باريبا قيد المراجعة مع احتمال خفض تصنيفه قائلة إن ربحية البنك وقاعدة رأسماله يشكلان حماية كافية في مواجهة التعرض لديون اليونان والبرتغال وآيرلندا. وأعلن أكبر بنك فرنسي خطة لبيع أصول قيمتها 70 مليار يورو في محاولة لتهدئة مخاوف المستثمرين بشأن الديون والتمويل التي أضرت بمنافسيه الرئيسيين. وتراجعت أسهم البنوك الفرنسية الثلاثة الكبيرة في مستهل التداول. وفي الوقت الذي من المقرر فيه أن يصل مفتشون أوروبيون ومن صندوق النقد الدولي إلى أثينا يوم الاثنين لتفقد التزام اليونان المترنح ببرنامج الإنقاذ من المتوقع أن تضغط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو لتنفيذ خطة تقشف لا تحظى بالشعبية لتحقيق بأهداف الميزانية. وأبلغ ساركوزي حكومته أن فرنسا ستبذل قصارى جهدها لإنقاذ اليونان. وفي الوقت الذي يكافح فيه الزعماء الأوروبيون لتفادي أول تخلف عن السداد في تاريخ تكتل العملة الموحدة الذي يمتد 12 عاما تحدى رئيس المفوضية الأوروبية الزعماء أن يكونوا مستعدين لقفزة كبيرة في التكامل.
المالي ستكون مثار انقسام. وقال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية إن بروكسل ستطرح قريباً خيارات لإصدار سندات منطقة اليورو التي تعارضها بشدة ألمانيا ودول دائنة أخرى في الاتحاد الأوروبي. وفي نداء عاطفي لاتحاد تربطه علاقات أوثق خاصة في منطقة اليورو المكونة من 17 دولة أبلغ باروسو البرلمان الأوروبي أن الطريقة الوحيدة لعكس المسار السلبي للأسواق المالية هو إحداث تكامل أكبر. وقال للنواب الأوروبيين «اليوم أريد أن أؤكد أن المفوضية ستقدم قريبا خيارات لإصدار سندات منطقة اليورو. بعض هذه (الخيارات) قد يتم تنفيذه في إطار بنود الميثاق الحالي وبعضها سيتطلب تعديل الميثاق». وأضاف «لن يجلب ذلك حلاً فورياً لجميع المشاكل التي نواجهها وسيأتي كعنصر من نهج شامل لإحداث مزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي». وقال رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو إن بكين مستعدة لمساعدة أكبر شريك تجاري لها لكنه أضاف أن على أوروبا أن تحول دون تفاقم الأزمة التي تهدد إيطاليا الآن. وقال ون أمس الأربعاء في رد واضح على دعوات لشراء مزيد من سندات حكومات منطقة اليورو «ما علينا أن نلاحظه الآن هو منع أزمات الديون السيادية من الانتشار والاتساع». وقال مسؤول هندي كبير إن وزراء مالية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا سيناقشون مقترحاً برازيلياً بزيادة حيازاتهم من سندات منطقة اليورو في اجتماعهم في واشنطن يوم 22 سبتمبر أيلول. وكرر تصريح ون المخاوف التي عبر عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
الذي حث في وقت سابق من الأسبوع الدول الكبيرة في منطقة اليورو على النهوض بمسؤولياتها بدعم الدول الأضعف ودعا لانتهاج «سياسة مالية منسقة أكثر فعالية». ويشكك المستثمرون بشكل متزايد في قدرة منطقة اليورو المكونة من 17 دولة على حل أزمة الديون. وتستوعب أسواق الائتمان احتمالا بنسبة 90 بالمائة أن تتخلف اليونان عن سداد ديونها وطلبت أعلى علاوة مخاطر على سندات خمسية طرحتها إيطاليا في مزاد أول أمس الثلاثاء منذ انضمام البلاد لمنطقة اليورو عام 1999. وقال كريستيان نوير محافظ البنك المركزي الفرنسي إن تحرك موديز نبأ جيد نسبيا مضيفا أنه يضع تصنيف البنكين الفرنسيين على قدم المساواة مع تصنيفات البنوك الأوروبية الكبيرة الأخرى التي تعتبر قوية مثل إتش.إس.بي.سي وباركليز ودويتشه بنك. وقال نوير «هذا خفض طفيف للغاية وقد كان تصنيف موديز أعلى كثيراً من تصنيف الوكالات الأخرى وهذا يضعها في نفس المستوى أو أفضل قليلاً من الآخرين.» ويقول محللون ورجال صناعة إن مزيجا من تخلف اليونان عن سداد ديونها وحدوث انهيار مالي في إيطاليا من شأنه أن يؤدي لأزمة مصرفية تشبه أزمة الائتمان العالمية التي حدثت في 2007-2008 ويهدد بتمزيق منطقة اليورو. وقال وزير المالية البولندي جاسيك روستفيسكي إن انهيار منطقة اليورو سيؤدي إلى زوال الاتحاد الأوروبي. وقال روستفيسكي الذي يرأس اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي «إذا انهارت منطقة اليورو أو اختفت من الوجود فقد لا يستمر الاتحاد الأوروبي.. هذا محتمل».