- منذ عدّة عقود من الزمن، حيث كانت النيّة صافية والكل يبحث عن المثوبة وعمل الخير، كان أهل الخليج من مسئولين وتجار ورجال أعمال، يمدّون يد العون والمساعدة والدّعم لأيّ مشروع إنساني يعود على الإسلام بالخير والإنسانية بالمنفعة، كإنشاء مراكز تسهم بالتعريف بالإسلام أو بناء مدارس ومعاهد لتدريس أطفال الفقراء بالمجان، وتوزيع الأغذية والأدوية على المحتاجين وفي أي موقع كان على الكرة الأرضية. وحينما كان أهل الخليج يفعلون ذلك دون التدقيق والتحقيق في مصداقية أولئك (السُعاة) الذين يجمعون الأموال من منطلق الثقة وحسن النيّة، و(على ذمّة العاملين على جمع المعونات) والذين تجدهم أمام كل مسجد وأمام كل سوق مركزي، بل تركوا صناديق صغيرة (حصّالات) في كل بقالة، لذلك قامت العديد من (اللجان الخيرية) والمراكز التي اتخذت الكثير من الأسماء تحت حجّة عمل الخير، لذا كنا نسمع عن إقامة المراكز الإسلامية الهائلة في عواصم الغرب التي يدّعي (بعضها) خدمة الإسلام والإسلام منها براء، لأنّ الأحداث والأيام كشفت لنا أنّ (بعض) تلك المراكز التي قامت بفضل تبرعاتنا الصغيرة والكبيرة، لم يكن الهدف منها خدمة الإسلام، بل (خدعة) الإسلام والمسلمين الذين دعموها، لأنها تحوّلت إلى أوكار لتخريج التطرُّف والشّر والصّرف على منظّمات سرّية تطبّق أجندة مجهولة انقلبت وبالاً وكراهية على المسلمين، كل هذا كان يحدث والمسلم الحقيقي الصافي النيّة والباحث عن الثواب والأجر، يجهل ما تفعله تلك الجهات، أو بالأحرى (يا غافل لك الله). ولكي لا نبالغ في (عقدة المؤامرة) ضدّ الإسلام وأنّ العالم كله يكره المسلمين، فإنه من الإنصاف القول إنّ تلك المراكز (الإسلامية) بما فيها المساجد والجوامع، كانت تقوم على أرض الغرب ولم يتعرّض لها أحد بسوء إلى أن أساء بعض (مرتدي جبّة الإسلام زوراً) إلى الآخرين وبالتالي إلى الإسلام نفسه، من خلال جعل هذه الأماكن منطلقاً للتخريب والتفجير والتهديد للآخرين الذين تُقام هذه المراكز على أرضهم، ولذا فقد أعاد العالم الغربي النظر إلى هذه المراكز، ولكن هذه المرة بعيون الشك والارتياب، وأعاد من جهة أخرى نظر الباحثين البسطاء عن الأجر والثواب، إلى التدقيق في مسارب تلك الصدقات البريئة التي كان من المفترض أن تصبّ في عمل الخير ولوجه الله فقط.
ومن هنا كان من الضرورة الحتمية على من يريدون خيراً للإسلام وأولهم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أن (يُرسمن) المشاريع التي تخدم الإسلام والبشرية فعلاً، وعلى حد سواء، بل بأعلى المستويات الرسمية، ولذا فإنّه حينما يدعو مليكنا المفدّى إلى تأسيس مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين الثقافات والأديان، بالاتفاق أو بالتباحث مع دول غربية كأسبانيا والنمسا وسائر الدول الأوروبية الأخرى، وكذلك منظّماتها الكبرى التي تقتضي المصلحة التباحث معها في إنشاء هذا (المركز العالمي) - المفخرة، والذي يدعو بالإضافة إلى الحوار، دعم العدل والسلام والتعاون بين الناس.. أقول إذا ما تمّ ذلك فهو منجز حضاري عظيم لعهد عبد الله أطال الله عمره.