لم يعد مقبولاً ولا حتى ممكناً أن يتمرَّد نظام أو دولة على شرعية الإجماع الدولي، ولا حتى الإقليمي خصوصاً إذا ما أُسس هذا الإجماع على ما يجب الالتزام به من نواميس الأخلاق والقيم الإنسانية التي يجب عدم تجاوزها، وبالذات تلك التي تتعلَّق بحياة البشر.
إذ لا يمكن لأي دولة ولا يحق لنظامها أن يتجاوز المعقول والمنطق في تعامله مع مواطنيه، فالشعوب ليست قطعاناً يقودها الحكام دون إرادة منهم، ولهذا فقد استغربت الدوائر السياسية في المنطقة وفي المجتمع الدولي كافة رفض دمشق لبيان مجلس وزراء الخارجية العرب.. واتسعت مساحات الدهشة من مضمون بيان سفارة سورية في القاهرة التي اعتبرت بيان مجلس وزراء الخارجية العرب حول سورية موقفاً عدائياً، وهذا زعم واتهام غريب، فالبيان الوزاري لوزراء الخارجية العرب، طالبَ بوقف فوري للدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف والقتل، وأن وقف العنف يتطلَّب من القيادة السورية اتخاذ الإجراءات العاجلة لتنفيذ ما وافقت عليه من نقاط أثناء زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية.
بيان المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية لا يستدعي وصفه بالعدائي، فهو لم يرتق إلى مستوى ما يحصل في سورية، وإلى مستوى الجرائم التي يرتكبها النظام بحق المواطنين السوريين والتي تنقلها الفضائيات العربية والدولية والتي فاقت كل حدود المعقول، ولا يمكن أن يتحمَّلها البشر ولا يقبلها أي إنسان ولا تسمح بها أي منظمة دولية أو إقليمية، كما أنه لا يحق لأي دولة ولا أي نظام أن يخرج عن الضوابط التي أخذ بها المجتمع الدولي ويعمل على تطبيقها، ولهذا فإن وزراء الخارجية العرب قاموا بما يجب عليهم أن يقوموا به، إذ لا يمكنهم ولا يسمح لهم أن يقبلوا بما يحصل في سورية من قتل للناس بالطريقة التي تصدمنا بها يومياً مشاهد المحطات التلفازية والتي تتزايد يومياً.