المعلم السعودي الذي فقد مكانته الاجتماعية منذ زمن، وطالب برد اعتباره كرات ومرات، ويئس من كثرة مناشداته لوزارته لرد حقوقه، أبدى ردة فعل متأرجحة بين التفاؤل والتشاؤم حيال مبادرة سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بتسمية العام الدراسي الحالي بعام المعلم تكريماً له نظير جهوده وعرفاناً من سموه بتضحياته.
مبادرة سمو الوزير جاءت في توقيت مناسب لتكشف عن إحساس المسؤول الأول عن التربية والتعليم بما يعانيه المعلمون وما يقومون به من أعمال جليلة في مكابدتهم لعملهم الشاق وتحملهم لضغوط هذه المهنة الصعبة، وهو إحساس جميل لو ينتقل لكل مسؤول ومسؤولة في الوزارة ولكل مسؤول ومسؤولة في المناطق والمحافظات التعليمية، ومبادرة تنتظر نقلها إلى التطبيق العملي الذي يعود على المعلمين والمعلمات بالنفع ويعزز من مكانتهم الاجتماعية المنتهكة، ويعيد لهم حقوقهم النظامية التي سلبت منهم بتبريرات ندرة الوظائف الرسمية، أو التي لم ترد لهم بعد تثبيتهم على وظائفهم المستحقة كتعيينهم على درجات أقل وحرمانهم من فروقات مالية مترتبة على عمليات التثبيت.
مصدر تفاؤل المعلمين بعد لحظات الانتظار الطويلة وإقرار عام المعلم أن تبادر الوزارة في هذا العام بمشاريع تخدم المعلم في مهنته وتساعده على أداء رسالته في بيئة مريحة. لذلك تدور في أذهان المعلمين أسئلة كثيرة جداً تحتاج إلى إجابات عملية فعلية، لا كلام يطير في الهواء. المعلمون والمعلمات لا يهمهم كثيراً إن كان مسمى العام عام المعلم أو عام ولي الأمر أو عام الطالب، أكثر ما يهمهم النتائج التي تعود عليهم بالنفع وعلى مهنتهم بتحسن النظرة الاجتماعية لها!
في عام المعلم، هل ستعمل الوزارة جهدها على ترقية مكانة المعلم وتعزيز دوره ليكون شريكاً مباشراً في صنع القرارات التعليمية التي تتأثر بها المدرسة وخصوصاً قرارات المناهج وطرق التدريس والنصاب التدريسي ولوائح الحوافز والعقوبات الخاصة بالطلاب وطريقة تعاملهم مع معلميهم وطرق حماية المعلمين من بعض الطلاب المتهورين وأولياء أمورهم الذين لا يقدرون مكانة المعلم ولا حرمة دور العلم؟ وهل ستؤدي إجراءات الوزارة إلى استقلالية المدرسة التعليمية وتحريرها من وصاية المشرفين التربويين الصارمة والتخفيف من وطأة الأعباء الإضافية وترشيد حمى التعاميم التي تهطل على المدارس كالمطر وبصيغ مختلفة مثل أفعلوا ولا تفعلوا وطبقوا وأوقفوا حتى صارت المدرسة تدار بالريموت كنترول؟ وهل ستكرم المعلمين المميزين بمكافآت مجزية وتهتم بمجالات نموهم المهني، وتفتح المسارات للمعلمين للترقي إلى درجات أعلى بعيداً عن الواسطة والمحسوبية وتمنح المعلم حقوقاً إضافية أسوة بالقطاعات الأخرى وخصوصاً العسكرية؟ حيث لا تأمين صحي يحظى به المعلمون ولا مستشفيات ولا أندية للمعلمين في كل المناطق ولا هيئات استشارية منتخبة من المعلمين والمعلمات تقدم للوزارة عصارة خبراتها. هذه مصادر تفاؤل المعلمين إن حققتها لهم الوزارة في عامهم الموعود!
أما مصادر التشاؤم فهي في خشية المعلمين من تحول عامهم إلى عام إعلامي وفلاشات تخدم المسئولين، واقتصاره على بضع لافتات توضع في مداخل كل مدرسة وممراتها وفصولها تشير إلى العام ومناقب المعلمين، أو كلمات جوفاء في الطابور الصباحي لا تسمن ولا تغني من جوع، وجوائز زهيدة الثمن وشهادات ورقية توزع على المبدعين الذين يستحقون الأوسمة الألماسية. في هذه الحالة لن يضيف العام للمعلم أي جديد.
وأخيراً، فإما عام معلم قوي مليء بالإيجابيات أو فلنريح ونستريح.
shlash2010@hotmail.com