قال لي منتج مسلسل «الحسن والحسين» الكويتي «محمد العنزي», إنه خسران مادياً من إنتاج «المسلسل» الذي أثار جدلاً واسعاً وحقق شهرة كبيرة، وبالمناسبة الاسم الصحيح والرسمي للمسلسل هو «معاوية والحسن والحسين»..!
«بحشرية زايدة « صممت على معرفة حجم «الخسارة المادية» خصوصاً وأن هناك من يتحدث أن تكلفته الإنتاجية تجاوزت الـ»8 ملايين دولار» وللأمانة كان حديثه معي بعيداً عن «عقلية التاجر» فأخبرني أن المسلسل لم يف سوى بـ»40% «من تكلفته الإنتاجية الضخمة و»60 %» مما صرف على المسلسل تعتبر خسارة إنتاجية حتى الآن.
طبعاً لن أتحدث عن المسلسل وما صاحبه من «رفض وقبول» وما أثاره من جدل واسع بطول العالم الإسلامي وعرضه, وإشكالية تجسيد دور الصحابة في الأعمال الدرامية فالموضوع خلافي، وسبق أن تطرق له الكثير من الكتاب والنقاد، ولست ممن يسكب الزيت على النار لتشتعل مجدداً, فرأيي واضح قلته لمنتج المسلسل، وكذلك للمستشار الشرعي والتاريخي للعمل الحسن الحسيني، فأنا أميل»لرأي» القائل والمنادي بعدم تجسيد «شخصيات» الصحابة وعظماء الأمة في الأعمال الدرامية، رغم أن «المسألة خلافيه» وهناك من يرى جواز ذلك.
ولكن سأركز في حديثي على «جانبين» ما حدث «إنتاجياً» قبل العرض وأثناء التصوير, والخطوة اللاحقة لمنتج وفريق العمل وتأثير المسلسل على مستقبلهم الإنتاجي لعلنا نستفيد من هذه التجربة محلياً.
«العنزي» يقول أنه «عانا» الأمرين «نفسياً ومادياً» على مدى» 3 سنوات» وهي المدة التي استغرقها تصوير وتنفيذ العمل، حيث تم ذلك في» 6 دول» و»بمئات الممثلين» وعبر بناء مدن وقرى إنتاجية خاصة تتناسب مع أحداث المسلسل، بعد أن حاربته بعض الدول وطرد من أخرى وقالها لي صراحة: «إيران» حاربت إنتاج المسلسل بواسطة «سوريا» وضغطها لمنع تصويره في بعض الدول, ويقول «العنزي» أنه تعرض لمحاولات من بعض «الطوائف» في لبنان تحديداً بهدف التأثير على «نص» المسلسل و»أحداثه التاريخية» وتغيرها لصالح توجهاتها وهو ما رفضه، طبعاً. ما يهمنا هنا هو «إصرار» منتج وفريق العمل على مواصلة إتمام المشروع «الإنتاجي» للمسلسل «بنفس طويل»، رغم ما تعرضوا له من طرد ومضايقات ماديه ونفسية، وهو درس يجب أن يستفيد منه» المنتجون المحليون»بعيداً عن المسلسل وأحداثه وأهدافه، فنحن ننتج أعمالنا في «شهر 5» لتعرض في «شهر9» ونفتش عن مستحقاتنا في «شهر10» وهو ما حرمنا من وجود عمل سعودي درامي ضخم»ذو نفس طويل « حتى اليوم..!.
الجانب الآخر هو «الخطوة المستقبلية»؟! بعد إنتاج هكذا «عمل» وهو ما قاله لي «المنتج» بأن الخطوة اللاحقة التي يفكر فيها الآن هي إنتاج مسلسل «ضخم» عن نبي الله «موسى»، ومسلسل آخر عن سيرة «بيت النبوة» لاشك أن إفلات «الحسن والحسين» وعرضه رغم كل الدعوات والانتقادات فتح شهية «العنزي ورفاقه» لتكرار التجربة، وهي برأيي «خطوتان» أكثر «خطورة» من سابقتهما، فيجب أن تدرس جيداً لتقديم التاريخ مع الحذر من الوقوع في مزالق ومواطن الفتن والاختلاف..!.
وهو درس ثان «لمنتجينا المحليين» بضرورة مواصلة المشوار وعدم الركون للعوائد المادية الضعيفة في بداية الأمر، والانتقال لمرحلة أخرى، كما سيفعل منتج «الحسن والحسين « شرط أن لا يكون التعويض «المادي» على حساب مسلماتنا وثوابتنا الدينية والوطنية.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net