يعجبني إصرار اللاعب ناصر الشمراني على تسجيل الأهداف واستمرار تألقه ليصبح أحد أعظم هدافي الدوري السعودي على تاريخه فهو لاعب لا يجيد حديثاً سوى حديث الشباك ولهذا أصبح لمتابعته متعة أخذها بعرق جبينه ولم ينفخها بالون الإعلام المتقلب.
الشمراني وأمثاله من النماذج المضيئة التي نشاهدها داخل الميدان هي النبض الكروي الذي نرغب أن يكون حاضرا وبقوة دائماً لكي يزيد التصاقنا بالمستطيل الأخضر بعد هجرناه طويلاً بسبب اللهث وراء أحداث من هم خارجه. لم نعد نتذكر الفن الكروي والمهارات الفنية والخطط الرائعة والكرة الشاملة وقوة المنافسة حيث أصبح الإداريون، بل وحتى المتوارين حول مسمى (عضو شرف) -الله يسامح من جاء بالتسمية- هم من يقومون ببطولة مشهد الكرة لدينا، وقد تمت إضافة مديري المراكز الإعلامية عليهم الموسم الماضي ليزيدوا من فجوة الابتعاد عن الملعب وآهاته، وأخيراً حضرت موضة الفيس بوك والتويتر فأصبحت منبراً ينهل منه الجميع الأخبار أولاً بأول بعيداً عن التخصص والسرية. ليس لدينا مقومات صناعة الفارق الفني لأننا حوّلنا الملعب إلى ساحة استعراض حقيقية للإداريين وبداية الموسم تبشر بمزيد من اتساع المسافة نحو تحقيق هذا الفارق.
رؤوسا الأندية وإداريوها وأعضاء الشرف في الصورة أكثر من المدربين واللاعبين. تلك حقيقة.. في الصباح تسمعهم في الإذاعات.. الظهر يتداخلون في برنامج تلفزيوني.. في الصحف لهم حوارات أو تصاريح.. في السماء ينقلون مداخلاتهم الهاتفية من قناة إلى أخرى.. بين ذا وذاك (يطقطقون) بالفيس بوك والتويتر.
النجومية الحقيقية أن نجعل الملعب ومن بداخله أولاً.
إنها مسؤولية الإعلام الذي خذل المستطيل الأخضر واستبدله بمستطيل يتبارى داخله شخصيات بعضها لا يعرف من الكرة سوى أنها مدورة. كيف نطالب بارتفاع مستوى الاحتراف ونحن لا نطرق أدنى أبجدياته؟.
كم يجري اللاعب السعودي؟.. كيف يلعب؟.. لماذا ينهار النجوم بشكل مبكر مؤخراً؟.. من يمرر بدقة أكثر؟.. هل يطبق اللاعبون تعليمات مدربيهم؟.. أيّ المدارس التدريبية أفضل لظروف اللاعب السعودي؟.. هل العامل النفسي وشحذ الهمم هي أولى مؤشرات الدافعية لديه؟.. كم عدد اللاعبين المدخنين؟.. والمدمنين على السهر؟.. واللامبالين؟.
أسئلة ومثلها كثير تحتاج إلى أن نعرف إجاباتها لنفهم إلى أيّ مدى يمكن أن يتطور اللعب لدينا.. لنعيد للملعب هيبته ولنكشف أسراره؛ ففيه الكثير من الحكايات والمعلومات والبيانات والإحصاءات ما يغني عن الاهتمام بأحاديث وتصاريح مكررة ومملة، مكانها ليس صدارة المشهد الكروي بل صدارة استراحات الأندية ومقاهيها..!.
قبل الطبع: الأشخاص الواثقون من أنفسهم، نادراً ما يشعرون بأنهم مجبرون على الكلام..!.
msultan444@hotmail.com