أجدبت خشبات المسرح وافتقد الجمهور مسرحه الاجتماعي لفترة طويلة، وسيطر مسرح (النخبة) على المشهد المسرحي !! ومن نافذة هذا النوع المسرحي دخلت علينا عروض غامضة ومشوهة الرؤية والمعنى تحشى بكثير من الموسيقى الصاخبة وحركات أشبه بحركات (الممسوسين) أو المتألمين وجعا،
ثم يقال عنها جهلا إنها مسرح نخبوي ! ولا أدري من ورط المسرح السعودي بأن يكون للنخبة أو لابد أن يعد للتصدير ! مع أننا نادرا ما نصادف أي شخص نخبوي في العروض التي تصنع من أجلهم ! فيبدو أن الرياض ليس فيها نخبويون، أو أن المسرح لا يجذبهم لسبب ما! هذه مسألة يفترض علينا بحثها! ولكن مسرح العيد جعل حتى من يؤمنون بمسرح النخبة من مخرجين ومؤلفين يتخلون عن عقيدتهم النخبوية ولا أقول يكفرون بها، ويقدمون المسرح الاجتماعي ويتباهون معنا بكثرة الجمهور وباستمتاعهم بالعروض؛ لأن أمانة منطقة الرياض تريد المسرح الاجتماعي أصبحوا هم أيضا يريدونه! وتنازلوا عن نخبويتهم، فأهلا بهم في المسرح الاجتماعي، ولقد أحسنت الامانة بتحويلهم ـ ولو مؤقتا الى مسرحيين - جماهيريين - ليصبحوا اكثر قربا من الناس ! ولقد حضرت مسرحيتين ضمن عروض ما أسميه (مهرجان الأمانة المسرحي) والذي تنظمه منذ عشر سنوات أمانة منطقة الرياض. المسرحية الاولى (شلة الفيس) قدمت على مسرح مدارس التربية النموذجية، تأليف عبد العزيز السماعيل وإخراج علي الغوينم بطولة بشير غنيم ومحمد المنصور وسلطان النوه، والنص كتبه مسرحي جاد في أطروحاته لا يحب الاضواء، لكنه دائما في دائرتها بقلمه ورؤاه الناضجة، وهو من أهم المسرحيين السعوديين مخرجا ومؤلفا، وله نصوص فازت بجوائز محلية وعربية، ولقد جاء نص مسرحية (شلة الفيس) معاصرا يتحدث عن قضية مهمة لاي مجتمع وهي التعايش والائتلاف رغم الاختلاف، وكان عرضا اجتماعيا عميق المعنى وطرح عدة قضايا مهمة؛ مثل احتياجات الشباب وتطلعاتهم، قدمه المخرج الغوينم بأسلوب ممتع مستخدما تقنيات (الفيس بوك) ليربط المسرح بشخصيات الفيس التي يدعوها أحد أعضاء المجموعة للالتقاء في استراحة؛ حيث يحضرون ليمثلوا عددا من شرائح المجتمع، ومن خلال اللقاء يكتشفون مدى الاختلاف بينهم، وأن آراءهم لا تلتقي تجاه بعض القضايا الاجتماعية، لكنهم يتفقون في النهاية على قبول كل منهم للاخر، تخلل المسرحية عدد من الاغاني كان افضلها أغنية (انا شاب سعودي) حيث عبرت بصدق عن طموحات الشباب السعودي المتمسك بدينه والمحب لوطنه، في هذه المسرحية حضر العنصر النسائي صوتا، وقد طالبت المرأة بحقوقها وطرحت رأيها في القضايا الاجتماعية !
مسرحية شلة الفيس تستحق المشاهدة، دعت لمضامين وطنية واجتماعية بأسلوب مسرحي ممتع فشكراً للأمانة ولفريق المسرحية.
(سبق نشر الحلقة الثانية قبل الحلقة الأولى - بطريق الخطأ - وها نحن ننشر الحلقة الأولى مع الاعتذار)
alhoshanei@hotmail.com