لعل أعلى رتبة عسكرية في الوطن العربي كما أعتقد هي رتبة مشير كما هو معمول به إلى حد الآن في الجيش المصري. بينما تكتفي أغلب الدول العربية برتبة فريق أو فريق أول - إذا استثنينا سوريا ولبنان اللتين اكتفتا برتبة (عماد) لا (عميد) كأعلى رتبة عسكرية فيهما. أما في العراق فقد كانت أعلى الرتب في الجيش هي رتبة (زعيم) والتي كان يحملها عبدالكريم قاسم. وحينما أطيح بنظامه من قبل الأخوين عارف (أي عبد السلام وعبد الرحمن عارف) مما مهد لحزب البعث فيما بعد أن يقفز للسلطة بقيادة أحمد حسن البكر والذي مُنح رتبة ابتدعها الحزب من (عندياته) ولما عُرف عن البعث من حب للتفرد والتميز والاستعلاء فقد (علّقوا) على البكر رتبة لم تكن موجودة في كل جيوش العالم ألا وهي رتبة (المهيب) والتي لم يحملها بعده إلا خليفته في الحكم صدام حسين الذي كان مدنياً تجاوز كل التراتب العسكري ليقفز رأساً من (مدني) إلى (مهيب ركن) - هكذا دون أن يمر بكل مراحل الترقي التي يمر بها عادة الضابط في كل جيوش الدنيا هكذا أصبحت الرتب العسكرية في عالمنا العربي التعيس تؤخذ هكذا (سبهللا) وتُرصّ النجوم بلا عدد على الأكتاف مما أنتج اللغز العربي العتيد الذي يقول (من هو الذي قدمه على الأرض ورأسه فوق النجوم؟!) وهو لغز ينطبق تماماً على (بعض) الحكام العرب الذين ولعوا بكثرة النجوم التي ترتفع فوقها رؤوسهم فلا ترى على أرض الواقع شيئاً من معاناة شعوبهم بل لا تعترف بالواقع أو الواقعية على الإطلاق. ولعل أصدق مثل على ما نقول هو ما حلّ بـ(المهيب صدام حسين) حينما سلّم القيادة العسكرية لأبنائه (المدنيين) وإقصاء القادة العسكريين المحترفين إبان الدفاع عن بغداد مما أدى إلى سقوطها المريع وبسرعة مذهلة لم يكن يتوقعها أحد. وما دمنا نتحدث عن ترقية الحكام العرب لأنفسهم وتنصيب أنفسهم قادة عسكريين فلا بأس إذن أن نستعير صورة للعقيد معمر القذافي أو (الحقيد مُدمر الكذابي) كما كان يسميه المعلق الإذاعي الشهير بهجت قمر ولكن لضيق المساحة فإننا سوف نستعير الصورة إياها في المقالة القادمة.