على امتداد السنوات الماضية، وأسواقنا تطفح بمختلف أنواع المخالفات التجارية والجرائم والغش التجاري، فهذه مؤسسة لا تبالي بتسويق سلع بالية منتهية الصلاحية، غير مبالية بما تتضمنه أنظمة ولوائح وزارة التجارة من عقوبات، وهذه شركة لا تتردد في المبالغة في أسعار السلع التي تسوقها غير مهتمة بما يطلقه مسئولو وزارة التجارة من تحذيرات، ومؤسسة ثالثة تتمادى في استغلال مختلف المواسم كالإجازات ورمضان والحج وغيرها مستغلة حاجة المواطن إلى اقتناء وشراء احتياجاته الضرورية والمحتكرة من قبل عدد قليل من المؤسسات والتي قد يعود ملكية غالبيتها لنفس المستثمر، ومؤسسة رابعة تقوم بتخزين كميات كبيرة من سلعها ومنتجاتها سعياً إلى تجفيف السوق منها وصولاً إلى المغالاة في سعر تلك السلعة بشكل يمثل قسوة غير مبررة على المواطن، وذلك على الرغم من القرارات المحذرة من ذلك والصادرة عن أعلى المجالس في الدولة.
وإزاء تلك المخالفات والجرائم التجارية، والتي عانى منها المواطن كثيراً في صحته وجيبه على امتداد سنوات طويلة دون أن تتمكن وزارة التجارة من القضاء عليها، وعلى الرغم من كثرة القرارات والتحذيرات التي صدرت من مختلف الأجهزة والمجالس في الدولة، والتي لم تنجح في إيقاف العديد من المؤسسات والشركات المتمادية والتي لم تخاف الله في ما تقوم به تجاه خلقه، ولم تقدر دعم الدولة لها على امتداد عقود زمنية لم تخضع خلالها إلى نسب ضريبية عالية على غرار ما هو مطبق في مختلف دول العالم باستثناء المملكة. أقول على الرغم من كل ذلك، إلا أن العديد من المؤسسات والشركات لا تزال تتمادى في ارتكابها مختلف جرائم الغش التجاري، ناهيك عن مبالغتها في ما تفرضه على المواطن من أسعار.
وفي ظل فشل وزارة التجارة في حماية الأسواق من تلك المؤسسات والشركات، وفي ظل عدم التفاؤل بأن تتمكن أي من الوكالات والهيئات والجمعيات التي أنشئت مؤخراً لحماية المستهلك، خاصة في ظل البداية المخجلة والمتواضعة لتلك الهيئات والجمعيات، لذا فإنني أعتقد بأن الحل الوحيد الذي يُمكن أن يُسهم في القضاء على تلك الجرائم التجارية إنما هو بيد المستهلكين أنفسهم من خلال قيامهم بمقاطعة شراء أي سلعة أو منتج عند قيام المؤسسة أو الشركة التي تسوقه بالغش في تسويقها لتلك السلعة أو بمغالاتها في سعر تسويقه.
إنني أجزم بأن سلاح (المقاطعة الجماعية) الذي هو بيد المستهلكين كفيل بالقضاء على الكثير من ممارسات الغش أو المغالاة في الأسعار التي يرتكبها التجار، ولو عدنا للوراء قليلاً، لرأينا أنه عندما أرادت بعض شركات الألبان زيادة أسعار منتجاتها من الألبان قبل بداية شهر رمضان، لم يتردد المستهلكون عبر المواقع الإلكترونية في إشهار سلاح المقاطعة الفورية تجاه تلك الألبان مما دفع بشركات ومنتجي تلك الألبان إلى تخفيض أسعار منتجاتهم من الألبان إلى ما كانت عليه.
dralsaleh@yahoo.com