الجيـــل الجديد يمارس نشـــــاطه الحياتــــي من خــلال أدوات جديدة تتشكل عبرها ثقافة جديدة.. التقنيات الاتصالية الحديثة هي الركيزة الأساسية في تكوين هذه الثقافة الجديدة لهذا الجيل الجديد.. من هنا تبرز أهم سمات هذا الجديد وهي «السرعة» التي هي معيار التحدي ومحور التعاطي في مجمل العملية.. السرعة في الظهور والسرعة في التعلم والسرعة في النضج والسرعة في الانتشار والسرعة في التأثير..
اليوم لا يزال الحديث رطباً عن الفيلم الإلكتروني (مونوبولي) من عدة زوايا أبرزها جودة الإنتاج وتماسك الحبكة الدرامية ووضوح الهدف مع احترافية المعالجة وغيرها.. الأبرز في نظري يتمثل في سياقين؛ الأول: السياق الشخصي المرتبط بالكادر الشاب الذي أنتج هذا العمل بقدركبير من الوعي التخصصي والإخلاص المهني.. الثاني: السياق الثقافي وهذا على مستويين؛ أحدهما ثقافة الإنتاج الدرامي الإلكتروني التي لا تزال في بداياتها محلياً وعربياً.. محلياً نستطيع أن نقسمها على الأقل إلى مرحلتين الأولى ما قبل «مونوبولي» وهي مرحلة البدايات تقريباً والتي ساد فيها نمط معالجة درامية واحد في الغالب تمثل في النقد الفكاهي مثل «لا يكثر» و «على الطاير» و «التاسعة إلا ربع» و «مسامير» مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الاختلاف فيما بين الفلم والبرنامج ومع هذا يلتقيان عبر المسار الرئوي البصري الدرامي.. الثانية وهي في تقديري المرحلة التي وُلدت بـ «مونوبولي» لتؤسس لمجالات وسياقات متعددة على المستوى الإنتاجي وعلى المستوى الفني..
المستوى الثاني من السياق الثقافي لظاهرة الإنتاج الدرامي الإلكتروني ترتبط بسمة الجيل الجديد في هذه الثقافة الجديدة وهي سمة التمردية والثورية تلك التي تُعرف وفق عدد من الخبراء بـ «المزاج الثوري للجيل الجديد» هذه السمة ترتبط بالسمة الأكثر خطورة وهي السرعة.. لنجد أننا ما بين عشية وضحاها أمام مجتمع إلكتروني رتب أولوياته وحدد حاجاته وصنع رموزه ورسم خطواته وآلياته بسرعة تأخذ من جنون الثورة ومفاجأتها ودهشتها الكثير الكثير..
اليوم يأتي اتجاه الجيل الجيد نحو تجسيد الانفعال الوجداني من خلال أدوات ما تتيحه التقنية الاتصالية من معطيات كمحاولة لإيصال الصوت والتعبير عن الهم، وهذا في المرحلة الحالية.. في حين يقفز ليشكل مؤشرا مهما لمراحل قادمة تتجاوز مجرد التعبير والإسماع..
الجدير بالتوقف هنا هو مستوى الوعي لدى أفراد هذا الجيل الجديد.. الوعي بالأداة والوعي بالهم والوعي بالرؤية وغداً الوعي بالقرار.. وهنا حريٌ بالمعنيين ألا يدعو هذه الأصوات تمضي دون استماع لكامل ما تهمس به فضلاً عما ترتفع به.. فمستويات التعبير عن الذات والحاجات يبدو أنها وصلت إلى المرحلة ما قبل الأخيرة بعد أن كانت مجرد انفعال وجداني ثم تعبيركلامي ففعل إنتاجي..
aldihaya2004@hotmail.comالقسم الثقافي