يختلف سلم القيم عند المرأة وتتباين أولوياته بينها وبين الرجل تبعا للثقافة الاجتماعية التي صاغت أساليب تربيتهما ودجنتهما ليتناسبا مع إيديولوجياتها فلو سألت رجلا عن مرتبة النخوة أو الفزعة في سلمه القيمي لقال لك إنها في المراتب المتقدمة حتى لو لم يصدق لكن الثقافة علمته أن النخوة صنو الرجولة بينما لا تشغل كثير من النساء أنفسهن بمثل هكذا قيم وتراها أكثرهن من نواقص الأنوثة حتى لو كان ذلك معاديا لجيناتها الوراثية التي منحتها خصال الحمية والفزعة والشهامة.
أيقنت بذلك وأنا أشهد يوما موقفا في أحد المستشفيات حيث بكى بحرقة شابان صغيران ووحيدان لفقد أبيهما، ثم أغمي على أحدهما بقرب استراحة النساء المجاورة للعناية المركزة والآخر يبكي بألم وحزن فاقداً القدرة على التصرف وكلاهما دون العشرينات من عمرهما، لم تتحرك النساء لنجدة الشابين وكأن في ذلك إثما عظيما بل قالت لي إحداهن حين عدت من نجدتهما: يقربون لك؟
قلت نعم يقربون لي أنهم إخواني في الدين في الوطن في البشرية اختاري ما تشائين من صلة قربى؟
لا أستطيع لومهن فقد تدربن طويلا على درس مكانك تحمدي فكيف لهن يفزعن لينقذن شابا في حالة إغماء بإعطائه ماء أو طلب النجدة الطبية له؟ أو يهدئن من روع ابن وحيد فجع للتو بفقد والده؟
تعلمن طويلا أن المرأة كلما غابت واختفت وسكنت ونأت عن مشهد الحضور كان ذلك شهادة بأنها أنثى كاملة تدخل الجنة وتنافس الحور العين!
بينما تنسى النساء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «في كل نفس رطبة أجر».
أنسوهن الخنساء وأم عمارة وكل حكايات النساء اللاتي تفوقن بغوثهن وفزعتهن على كثير من الرجال؟؟
أرجو أن تنتصر الجينات الوراثية في الأجيال الجديدة من النساء.
f.f.alotaibi@hotmail.com