لو أذكر لكم مئات القصص عن المخالفات البلدية في مجال المنح، فإنكم ستقولون لي: «يا حليلك، ما قلت شيء»! وهذا لأن قضية المنح، تتكئ على أساس خاطئ، وهو أن هذه المنحة هدية من البلدية، وليست حقاً مكتسباً للمواطن. وما أسس على مفهوم خاطئ، فإن ممارسته والتعاطي معه، سيكون خاطئاً،كما ستكون المعاملات الإدارية التي تنجزه، كلها خاطئة.
و لعل من أبرز الأخطاء التي يواجهها المواطنون مع المنح، هو الازدواجية. فبعد أن تُمنح القطعة لمواطن، ويذهب للمحكمة ليستخرج الصك، يجدها ممنوحة لغيره! هذا الخطأ يحدث كل يوم، وذلك ليؤكد ما قلته. فالعاملون في البلديات، سيقولون إن «هذه منحة يا رجال، إن طلعت احمد ربك، وإن ما طلعت، قدِّم على غيرها»!
لقد سبق أن اقترحت أن يعاد تنظيم هذا الشأن، وأن تخصص له هيئة مستقلة يرأسها مسؤول ذو خبرة طويلة في التعامل مع المواطنين، وأن يعمل فيها مختصون في قضايا التنمية العقارية والإسكانية. فالغالبية العظمى من المواطنين ينتظرون قطعة الأرض، ثم ينتظرون القرض، ثم ينتظرون أن يسهل الله لهم قرضاً بنكياً بفوائد، وقروض أخرى حسنة من فاعلي الخير. كل ذلك لكي يجدوا مأوى صغيراً يأويهم من الإيجارات والمؤجرين. هذه المعاناة لن يدركها إلا من هو بلا بيت.