|
الجزيرة - د. حسن أمين الشقطي
لا أحد من المتعاملين بسوق الأسهم يستطيع أن ينسى فبراير 2006م، وبعد مرور ما يناهز خمسة سنوات على هذه الذكريات، وبعد نجاح هيئة سوق المال في إصلاح وتحسين وتطوير وتعديل معظم (إن لم يكن كل) جوانب وأركان سوق الأسهم، فمن تعديل المؤشر إلى الأسهم الحرة إلى لوائح الوسطاء والصناديق إلى الإفصاح عن كثير من المعلومات مثل حركة التداول حسب الجنسية وغيرها .. وفي ظل حالة الاستقرار التي اتصف بها مؤشر السوق منذ أكثر من عامين، في ضوء كل ذلك، يفترض أن يستكين السوق ومتداوليه .. إلا أنه مع ذلك، فلا تزال هناك حيرة لدى كثير من المتداولين نتيجة وجود بعض الجوانب التي تثير التساؤل أو بالأحرى يكتنفها الغموض بالسوق. فرغم اعترافنا والإشادة بمدى قدر الإنجازات والتحسينات التي أجرتها هيئة السوق المالية مشكورة، إلا أننا نستعرض فيما يلي بعض الجوانب التي تستدعي مزيدا من النظر والتفكير...
اولا : قوائم كبار الملاك
تعتبر قوائم الملاك من الجوانب المهمة بالسوق، تلك القوائم التي لا تزال تضم فقط الملاك الأعلى من 5% في الأسهم المدرجة، بشكل تجد بعض الشركات يصل عدد ملاكها إلى واحد أو اثنين من المستثمرين .. رغم أن بعض الملاك نسب تملكهم تقل قليلا عن نسبة 5% (تصل في كثير من الأحيان إلى نسب 4.9%)، وأولئك حريصون على عدم ظهور أسمائهم في هذه القوائم، وبالتالي تعديل نسب تملكهم لا يمكن التعرف عليها أو رؤيتها. فهل يعقل أن يكون هناك من يمتلك في شركة4.9 واحدة % ولا يظهر في قائمة كبار الملاك؟
فإن هناك كثيرين قد يمتلكون مليارات في شركة ما ولا يظهرون في قائمة كبار الملاك. وفي هذا السياق، تقترح على هيئة السوق أن تضع معايير بديلة للمعيار الحالي (وهو الاقتصار على الإفصاح على من تصل نسب تملكهم 5% فقط)، بحيث يمكن إقرار أن يظهر في قائمة كبار الملاك أعلى خمسة ملاك مهما كانت نسبة تملكهم، ثم إنه يمكن اشتراط ظهور الملاك الذين تزيد نسبة تملكهم عن نسبة 3% أو 4% طالما زادت معدلات بيعهم أو شرائهم عن 1% . إن ظهور عدد من كبار ملاك كل شركة سيحسن من الشفافية والإفصاح بالسوق كثيرا.
ثانيا .. مكررات الربحية
أيضا يعتبر الإفصاح عن مكررات الربحية (السعر للعائد) من العناصر التي تسبب بعض الحيرة في التعرف على مضمونها وتفسير هذا المضمون .. فمكررات الربحية بالسوق حسب مؤشرات الثلاثاء الماضي يمكن فيها ملاحظة ما يلي :
(1) تشير القائمة المالية الصادرة عن شركة تداول يوم الثلاثاء الماضي إلى وجود عدد (30) مكرر ربحية سالب (س)، وهذا السالب الأحادي يجعل كافة الأسهم متعادلة في سلبيتها، رغم أنها غير متساوية في حجم خسائرها الحقيقة .. فهناك على سبيل المثال سهم مبرد الذي حقق خسارة كبيرة على السهم تعادل (6.4 ريال)، وهناك سهم مدينة المعرفة التي حققت خسائر ضئيلة تعادل (0.005 ريال) على السهم .. وبالطبع فالاثنان ليسا سواء.
(2) تشير القائمة أيضا إلى وجود عدد (9) مكررات ربحية غير معلومة وتأخذ العلامة (-)، وتنوه شركة تداول عن أن هذه العلامة تشير إلى الشركات التي لم تُعلن صافي الدخل، والشركات الخاسرة (آخر أربعة أرباع)، وهي شركات غير مشمولة في حساب نسبة السعر للعائد للقطاعات وللسوق .. وإذا كان من المقبول الأخذ بهذه العلامة للشركات التي لم تعلن عن صافي الدخل، رغم أن عدم إعلانها يضع المستثمرين في موقف لا يحسدون عليه، إلا أن وضع هذه العلامة أمام الشركات الخاسرة في آخر أربعة أرباع، يعني آخر سنة، هو ما يثير الجدل، فقد تكون هناك شركة معينة أحرزت خسائر آخر أربعة أرباع، إلا أنها لم تصل إلى حد الإيقاف، وغير واضح لماذا هذا النص تحديدا ؟ لماذا يتم استبعاد الشركات التي أحرزت خسائر آخر عام من حسابات مكررات ربحية القطاعات والسوق ؟ .. بالعكس قد تتسبب هذه العلامة في نوع من التضليل أو التشويش على قرارات المستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذه الشركات .. وهنا نعتقد أن وضع علامة (س) كمكرر ربحية سالب يعتبر أفضل حالا للمستثمرين كثيرا من وضع علامة (-) .. بالتحديد يوجد الآن بتقارير تداول المنشورة تسعة شركات يوجد أمامهم هذه العلامة .. وإذا استبعدنا منهم بيشة وعذيب يكون هناك سبعة شركات مثار حولهم الجدل.
(3)أما الجزء الأهم، فهو طريقة حساب مكررات الربحية للقطاعات، حيث إن هناك قطاعات بها شركات عديدة بمكررات ربحية سالبة، ورغم ذلك تجد مكرر ربحية القطاع موجب وممتاز، وعلى رأسها مكرر ربحية قطاع التأمين الذي وصل يوم الثلاثاء الماضي إلى 14.1 مكرر .. رغم أن قطاع التأمين يضم عدد (13) شركة ذات مكررات ربحية سالبة، وحوالي (6) شركات حققت خسائر آخر أربعة أرباع، وذلك من إجمالي (31) شركة بالقطاع .. أي أن قطاع التأمين يتضمن حوالي (19) من إجمالي (31) ذات أوضاع مالية سلبية .. ورغم ذلك، فمكرر ربحية القطاع وصل إلى (14.1) مرة فقط، في اعتقادي أن مكرر ربحية القطاع إن لم يكن سالبا يفترض أن يكون مرتفعا للغاية، وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة أو تفسير.
(4) بناء على النقطة السابقة، فإن مكرر ربحية السوق الذي وصل إلى (12.4) مرة قد يكون محتاج إلى مراجعة أو تفسير.
ثالثا .. صناديق الاستثمار
من الأمور التي حسنت من أدائها وشفافيتها كثيرا هيئة السوق المالية هي صناديق الاستثمار، فهناك اليوم إشراف ورقابة، وشفافية إلى حد ما .. إلا أن هناك بعض البطء في الإفصاح عن تقارير الصناديق .. فالمعلومات تتاح للمستثمرين والمراقبين، ولكن متأخرة أو بفترة إبطاء إلى حد ما، فهناك دائما ثلاثة أيام تأخير في صدور تقارير تداول عن صناديق الاستثمار، وحتى التقارير الصادرة فإنها تكون غير محدثة لعدد كبير من الصناديق .. ففي تقرير يوم الثلاثاء لصناديق الاستثمار يوجد هناك بعض الصناديق لم يتم تحديث بيانات سعر الوحدة لها منذ شهر يونيو الماضي، إلا أن الغالبية العظمي من بيانات الصناديق لم تحدث منذ أسبوع تقريبا، أو تتأخر لمدة أسبوع في تحديثها .. وهنا غير معلوم هل عدم تحديث سعر الوحدة يعتبر دليلا على أن الصندوق لم يتم التداول عليه منذ آخر تحديث ؟ أم أن المشكلة في حقيقتها هي عدم تحديث بيانات الصناديق في التقرير المجمع الصادر عن شركة تداول نفسها ؟