فاصلة:

(لا تطلب كمعروف ما تستطيع الحصول عليه بالقوة)

- حكمة إسبانية -

قررت منذ اليوم ألا أنادي بوعي المرأة بحقوقها، لأن الوعي بمفرده ليس كافياً لتعيش المرأة حياة كريمة وتتمتع بالأهلية الكاملة التي منحها إياه الإسلام وحرمتها منها التقاليد والأعراف الاجتماعية.

وعي المرأة إذا قابلته قوانين قديمة غير منصفة أو إجراءات تمييزية فإنه يصبح عذاباً وليس تمتعاً بالحرية.

أعتقد بأنه من المفترض أن تعي المجتمعات ويتقدم القرار السياسي بوعي كامل تجاه المرأة أولاً لتستطيع المرأة ممارسة حقوقها المشروعة.

سأعطيكم مثالاً في الكويت تقدمت المرأة سياسياً وأصبح لها تمثيل في البرلمان الكويتي، وهذا ما أكدته أستاذة العلوم السياسية مريم الكندري في دراسة أعدتها حول (حقوق المرأة السياسية في مجلس الأمة الكويتي.. دراسة في تحليل مضمون مضابط مجلس الأمة من العام 1971-2007)، «إن الأزمة الفكرية المرتبطة بحقوق المرأة المدنية والسياسية ما زالت موجودة في الخطاب السياسي الرسمي لأعضاء مجلس الأمة، على الرغم من حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية».

هذا لا يجعلني أدعو بتوقف المرأة عن العمل من أجل تنمية المجتمع على كل الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهؤلاء نسوة اخترن أن يمتلكن الوعي ويعرفن كيف يمارسن الحقوق دون إضرار بذواتهن أولاً ومن ثم من حولهن.

لكن هناك نقطة مهمة في مسألة الوعي بالحقوق أن الإنسان إذا انتصر على جهله فأراد أن يمارس حقوقه فلم يستطع، فإن ذلك يحدث نوع من الضغوط النفسية عليه وعلى من حوله.

وهذا ما يفسر ارتفاع حالات هروب الفتيات لدينا، إذ ليس جميها تعود إلى رغبة الفتاة في السلوك التمردي وإنما في بعض الحالات يمكن أن تكون الوعي بالظلم ومن ثم رفضه. كما أن العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال المؤسسة الزواجية لم تعد متوازنة حينما وعت المرأة بحقوقها وظل الرجل غير مقتنع بهذه الحقوق فارتفعت نسبة مشكلات التفكك الأسري أو الطلاق وكلاهما هدم للأسرة - رغم تعدد العوامل الأخرى في تفسير هذه الظواهر. قد يعتاد السجين المظلوم سجنه لسنوات طويلة يساعده جهله بحقه في الحرية، لكن الوقت الذي يكتشف بأنه لا يستحق السجن فإما أن يهرب أو يستسلم للموت، فأقسى ما يكون على الإنسان أن يعي بأنه مكتوف اليدين تجاه تمتعه بحقوقه.