باتت النزعة الوطنية أكثر حضورا لدى الشباب من أبناء الوطن خلال عقد من الزمان، هذا ليس تأريخا لمرحلة جديدة في حياة الشباب السعودي، وإنما استشهادا بتجربتي المباشرة.
الشبان السعوديون من الجنسين اليوم أكثر ميلا نحو ما يخدم وطنهم ومجتمعهم، وأضنى بحثا عن نوافذ البذل والعطاء في سبيل الإعمار بشتى أنواعه، إذ بات الحديث حول كيفية خدمة المجتمع مسيطرا على المنطق الشبابي، وباتت لغة الإصلاح طاغية في توجهاتهم الفكرية.
هؤلاء لا ينتظرون تاريخ 23 سبتمبر موعدا للتعبير عن وطنيتهم، فمثل هذه الفئة من الشبان يعتبرون أن الـ365 يوما من العام ظرف زمني سانح لإحياء الجانب الوطني فيهم، فهم يمارسون وطنيتهم بالفعل لا بالقول.
ولأن (القول) يعتبر عملا كما أن (الفعل) عملا، فإني أدعو كل مواطن ومواطنة، داخل البلاد وخارجها ممن لم تتح لهم فرصة المشاركة في أعمال وطنية على غرار ما يقوم به أفراد وجماعات في العمل التطوعي وغير التطوعي، أدعوهم لئلا يكون تعبيرهم في اليوم الوطني مجرد مظاهر احتفال!
إن المجتمع السعودي كأي مجتمع في هذه المعمورة لديه ما لديه من القصور والسلبيات، ولذلك علينا أن نتعامل مع الخلل والاعوجاج الذي نعاني منه على أنه شكلا إيجابيا من أشكال الحياة، ذلك أنه لولا العيوب والقصور في حياتنا لما وجدنا فرصا تمكننا من البذل والعطاء والعمل.
فكل عيب في حياتنا، يمثل فرصة سانحة لمن منّ الله عليهم بالعطاء والموهبة والإبداع تفتح لهم آفاقا نحو البذل في سبيل الخير، ولذلك فلنتعامل بإيجابية مع السلبيات التي تحيط بنا، وأن نعتبر ما يعيق مجتمعنا من التقدم، فرصا مثمرة للعمل الصالح.فكم هي القضايا التي يمكن أن نسهم في الحد منها بالتواصي خيرا فيما بيننا «آباء وأمهات، وأخوة وزملاء وأصحاب، وجيران».
في هذه الذكرى لليوم الوطني، سأحاول أن أساهم بذاتي في التخفيف من العبء الذي يتحمله الوطن، وسأسعى لأن أتسلل عبر دهاليز البذل التي سبقني لها الرائعون من أبناء بلادي، وسأبحث حولي عمن أزرع فيه ولو قيمة واحدة من قيمنا الإسلامية.