|
الجزيرة - حازم الشرقاوي:
مساهمة المملكة في تأسيس منظمة أوبك، ووصولها كعضو فاعل في مجموعة العشرين التي تضم كبرى دول العالم، هناك مواقع ومراكز أخرى تتمتع بها المملكة مما جعلها تحظى بمكانة عالمية متميزة نظراً لامتلاكها اقتصاداً قوياً وأكبر احتياطي نفطي في العالم، وتطبيقها السياسة المتوازنة في أسعار البترول، وسعيها الدائم لتفعيل الحوار وإيجاد تقارب ما بين المنتجين والمستهلكين للوصول إلى أسعار تناسب كافة الأطراف، وقد ساهمت هذه المكانة للمملكة في انضمامها عضواً في مجموعة العشرين في عام 2008م والتي تضم أكبر اقتصاديات في العالم، ولقد أصبحت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واحدة من أهم الدول المؤثرة في القرارات الاقتصادية على المستوى العالمي، وكانت المملكة في 14 سبتمبر 1960 مؤسساً رئيساً لمنظمة أوبك التي ضمت أربعة أعضاء آخرين هم: الكويت، العراق، إيران، فنزويلا.
مجموعة العشرين
ولقد ساهم اتباع سياسة المحافظة على الأسعار النفطية وتفعيل الحوار بين المنتجين والمستهلكين، استقرار أسعار البترول على مستوى مناسب مما ساعد على نمو الاقتصادي العالمي، جاء الدور الفاعل للمملكة في اجتماعات مجموعة العشرين والتي شارك في اجتماعاتها الملك عبد الله في قمة العشرين. وتُعتبر المملكة (العضو في منظمة أوبك) الدولة العربية الوحيدة في قمة العشرين، مما جعلها تشارك في صنع القرار الاقتصادي العالمي، وسعت إلى زيادة نشاطها الاقتصادي بالاستثمار والإنفاق الحكومي على المشاريع المحلية دون الحاجة إلى الاقتراض، مما ساعد على استقرار مركزها المالي وإنعاش وتعزيز الاقتصاد العالمي من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية. وكانت قد أنشأت مجموعة العشرين في 25 سبتمبر 1999 بواشنطن بسبب الأزمة المالية الآسيوية، وتمثل 70% من التجارة العالمية و85 % من الناتج العالمي، وتضم كبرى الدول الصناعية مثل (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، روسيا، بريطانيا، وأمريكا) إلى جانب اقتصاديات ناشئة مثل (أستراليا، والمكسيك، وتركيا، وكوريا الجنوبية والأرجنتين والبرازيل، والصين، والهند، وإندونيسـيا، والمملكة العربية الســـعودية وجنوب أفريقيــــا، والاتحاد الأوروبـي). وجاءت اجتماعات قمة العشرين بعد الانهيارات المالية في آســيا وأمريكا ومشاكل منطقة اليورو، وديون اليونان، وغيرها من الدول الأوربية وذلك لمعالجة آثار الأزمة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار المالي الدولي من أجل إخراج الاقتصاد العالمي من الركود وحل القضايا الأخرى المتعلقة بالطاقة والبطالة والصحة والتنمية والبيئة ومكافحة الفقر.
شهادة عالمية بإنجازات التنمية القريبة من مجموعة الـ 20
هذا وقد أعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي، مقبل في العام الجاري على تحقيق تحسن كبير وقياسي في أداء قطاعيه النفطي وغير النفطي، متوقعاً أن يلامس ناتجه المحلي الإجمالي مستوى 600 مليار دولار. مشيراً إلى أن المملكة حققت في العقود الأخيرة إنجازات هائلة في مؤشرات التنمية الاجتماعية حيث أصبحت قريبة من المتوسط العام لمؤشرات بلدان مجموعة العشرين.
ووفقاً لتقرير مجلس المديرين التنفيذيين أن انتعاش الاقتصاد السعودي بدأ من العام الماضي بدعم من زيادة الانفاق الحكومي، ولا سيما الاستثماري وكذلك تعافي الطلب العالمي. وبلغت نسبة النمو الحقيقي (المعادل بالتضخم) التي حققها الاقتصاد السعودي في السنة الماضية 4.1 في المئة مقارنة بـ0.1 في المئة فقط في 2009، لكنها سترتفع من جديد إلى 5.6 في المئة هذه السنة طبقاً لمعطيات وفرتها السلطات الاقتصادية والمالية في المملكة وتقديرات خبراء الصندوق. وينتظر أن يساهم القطاع النفطي بقوة في الأداء العام للاقتصاد السعودي إذ يتوقع أن يحقق نسبة نمو عالية تقترب من 9.5 في المئة في العام الحالي. ويأتي هذا الأداء القياسي بعدما انكمش القطاع النفطي بنسبة تجاوزت 7.5 في المئة في 2009 ولم تتعدَ نسبة نموه العام الماضي 2 في المئة.
ويتوقع أن يحقق القطاع السعودي غير النفطي الذي يعتبر أكبر المستفيدين من الإنفاق الحكومي وتزيد مساهمته في الناتج المحلي على 40 %، نسبة نمو جيدة تصل إلى 5.4 في المئة مقارنة بـ4.9 في المئة في السنة الماضية و3.5 في المئة في 2009.. وأشارت المعطيات الحكومية وتقديرات خبراء الصندوق إلى أن القيمة الإجمالية للناتج المحلي السعودي ستصل في السنة الحالية إلى 571 بليون دولار مرتفعة بنحو 3 في المئة قياساً إلى السنة الماضية، لكن بما يزيد على 50% بالقياس إلى عام 2009 الذي شهد أسوأ نتائج الركود وآثاره السلبية على الطلب العالمي.
وفيما كان الركود العالمي ومتطلبات مكافحة آثاره والتحوط منها انعكست بقسوة على الأوضاع المالية للمملكة، خصوصاً تكبد عجز مالي ضخم زادت نسبته على 6 في المئة من الناتج المحلي في 2009، يتوقع أن يسهم النمو القوي للقطاعين النفطي وغير النفطي في تحقيق فائض مالي يناهز 9 في المئة، أو يزيد قليلاً على 50 بليون دولار.
وشملت التوقعات التي أبرزها تقرير مجلس المديرين التنفيذيين تضاعف قيمة فائض ميزان المدفوعات الخارجية للمملكة هذه السنة إلى 115 بليون دولار (ما يعادل 20 في المئة من الناتج المحلي) مقترباً بذلك من استعادة مستواه المسجل في 2008 وذلك بعدما انخفض إلى نحو 20 بليوناً في 2009. ويعزز فائض الحساب الجاري الملاءة المالية للمملكة إذ يتوقع أن يرتفع صافي رصيد مؤسسة النقد السعودية (المصرف المركزي) من الأصول العالمية في العام الحالي إلى 535 بليون دولار، بزيادة 94 بليوناً على 2010 و130 بليوناً على 2009. ويمول هذا الرصيد نحو 27 شهراً من واردات السعودية.
وتوقع صندوق النقد تسجيل ارتفاع طفيف في نسبة التضخم يحتمل أن يدفع بمؤشر أسعار التجزئة إلى مستوى 6 في المئة صعوداً من 5.4 في المئة في السنة الماضية و5.1 في المئة في 2009، لكنه سيظل أقل حدة من 2008 حين سجل مستوى قياسياً لامس 10 في المئة.
تاريخ البترول
حظي قطاع النفط باهتمام المملكة منذ نحو 86 عاماً عندما بدأت أعمال اكتشاف البترول في عام 1925م، من خلال شركة ستاندرد أويل أف كاليفورنيا «سوكال آنذلك وشيفرون حالياً» وقامت بحفر بئر الدمام الأولى والتي لم تأت نتائجها محققة للتطلعات ولكن كافة الدلائل كانت تشير إلى وجود الزيت والغاز فقد استمرت الشركة في حفر تسع آبار متتالية إلى أن تحقق الحلم في 3 مارس 1928حيث أنتجت بئر الدمام رقم 7 كميات كبيرة من البترول بعد حفرها على عمق 1441متراً في طبقة أطلق عليها اسم (الطبقة الجيولوجية العربية) فدخلت بذلك المملكة عصر صناعة البترول. وقد بدأت أعمال التصدير للزيت الخام في نفس العام عن طريق فرضة صغيرة في الخبر كان الزيت عن طريقها يشحن إلى البحرين وفيما بعد تم بناء فرضة رأس تنورة التي بدأت في استقبال ناقلات الزيت حيث تم شحن أول دفعة من الزيت عن طريقها في 11 ربيع الأول 1358هـ الموافق 1 مايو 1939م وذلك في احتفال رسمي رعاه الملك عبد العزيز آل سعود - يرحمه الله - وقد زاد إنتاج الزيت بشكل ملحوظ فقبيل عام 1944م كان متوسط الإنتاج لا يتعدى 20.000 برميل يومياً وفي عام 1949م وصل الإنتاج إلى 50.000 برميل يوميا أما في عام 1970م فقد بلغ معدل الإنتاج 305 ملايين برميل يومياً إلى أن سجل رقماً قياسياً عام 1980م حيث وصل إلى 9.631.366 برميلاً يومياً.
أرامكو ورحلة النفط
وكانت أرامكو السعودية المناط بها الآن جميع أعمال الزيت من إنتاج وتكرير وتوزيع وأعمال تصدير والتي تعود بدايتها إلى عام 1933م عندما وقعت حكومة المملكة العربية السعودية مع شركة ستاندرد أويل أف كاليفورنيا اتفاقية الامتياز الأساسية. وقد حولت هذه الشركة الامتياز إلى شركة (كاسوك) إحدى الشركات التابعة لها وقد آلت نصف ملكية هذه الشركة (كاسوك) إلى شركة تكساس وفيما بعد في عام 1944م تغير اسم كاسوك إلى شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) وقد دخلت شركة إكسون وموبيل في ملكية هذه الشركة فيما بعد. وفي عام 1973م حصلت حكومة المملكة على حصة مشاركة في أرامكو بنسبة 25% ما لبثت أن زادت إلى 60% في العام التالي وفي عام 1980م أصبحت حصة الحكومة في أرامكو 100% بأثر رجعي إلى سنة 1976م بعد أن دفعت الحكومة قيمة أصول أرامكو تقريباً.
وقد تم تأسيس أرامكو السعودية في نوفمبر 1988م بمرسوم ملكي كريم لتناط بها الأعمال الإدارية والتشغيلية التي كانت تقوم بها أرامكو نيابة عن الحكومة.
والآن تتولى أرامكو السعودية أعمال التنقيب عن الزيت في جميع أنحاء المملكة وتتولى أعمال التكرير وإدارة المصافي وتجميع الغاز الطبيعي وأعمال التوزيع والتصدير. وتقدر كميات احتياطي الزيت في المملكة بنحو ربع الاحتياطي الموجود في العالم وكذلك في الجزء الشرقي من المملكة حقل الغوار وهو أكبر حقل زيت في العالم وكذلك يوجد في المنطقة الشرقية من المملكة أكبر حقل مغمور في العالم وهو حقل السفانية. ولم تقتصر اهتمامات أرامكو السعودية على الأعمال داخل المملكة بل تعدتها إلى العالم الخارجي وذلك في مجال أعمال واستثمارات الصناعات المشتقة من الزيت والغاز تحقيقاً لدور المملكة الرائد في التعاون الدولي منها شراكات في شركات الطاقة في كل من الفلبين وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى ومن فلسفة شركة أرامكو السعودية التنمية المتسارعة للعمالة الوطنية وتطوير مهاراتهم، وهذا يتضح من النسب التي تبين بأن حوالي 80% من الوظائف الإشرافية يمثلها سعوديون كما أن حوالي 90% من مشغلي معامل الزيت والغاز هم من السعوديين.