لو أُعدّ معجم لأحاديث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لوجدنا أن كلمات: الوطن والمواطنين والشعب السعودي، هي الأكثر حضوراً والأبرز في خطاباته المباشرة للشعب وفي كلماته في المناسبات المختلفة، وهذا يعكس مدى العناية المتواصلة والشاملة من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- والتركيز على عناصر السياسة الداخلية الذي يكون المواطن فيها وسيلة وهدفاً، وذلك بعد أن عصفت الظروف الأمنية والتجاذبات السياسية الدولية بمنطقة الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين بداية بالاعتداء الغاشم على الكويت ثم تحريرها وما لحقه من تبعات خانقة للاقتصاد والسياسة وتعكر صورة الوحدة العربية الباهية لدى العالم الخارجي وفي انطباع أبنائها أيضاً، ثم أحداث سبتمبر الدامية غير المبررة، فتعنت الغرب في وصم الإسلام بالإرهاب، فضلاً عن الأزيز الإسرائيلي المستمر والمقلق، كل هذه الأحداث وهوامشها السياسية ألقت بسحب مكتربة سوداء على المنطقة جعلت الاهتمام العربي السياسي ينصب على تغذية السياسة الخارجية بعناصر بشرية وفكرية ومناشط ذهنية لإظهار الصورة الحقيقة لمجتمعات المنطقة البعيدة عن الإرهاب كونه القاسم المشترك الأكبر للضنك السياسي التي عاشه الشرق أوسطيون شعوباً وحضوراً، أما وقد اتضحت الصورة الأصلية للمجتمعات الإسلامية فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- منذ بداية توليه الحكم على إثر مبايعة شعبية واسعة تبعتها جولات شعبية شفت عن رجل يقرأ جيداً حاجات مواطنه بشرائحه كافة، التف الشعب حوله معنى وكلمة وروحاً وقدّم -حفظه الله- المواطن على أنه أسس الدولة ومركز اهتمامها وركيزتها الأولى ومحور رعايتها، فركّز على هذه الحقيقة التاريخية التي لم تغب عن المملكة العربية السعودية لو يوماً واحداً، فظهرت اللحمة الوطنية بارزة ومحققة في أقصى صورها بين القيادة والشعب كانت علاماتها برزت في مناسبات كثر مثل اليوم الوطني وعودة خادم الحرمين الشريفين للبلاد بعد الرحلة العلاجية والمناسبات الحضارية التي بطلها المواطن قبل المنجز الحضاري في فكر الملك عبدالله، حيث يحضر المواطن واحتياجاته أولاً في قلب خادم الحرمين الشريفين وعقله، ويقف في أول قائمة اهتمام سياسته الداخلية -حفظه الله- وفي لب أغلب قراراته، فالذاكرة الشعبية والذاكرة الإعلامية من بعدها تذكر بفرح واعتزاز قوله -حفظه الله-: (من نحن بدون المواطنلسعودي) وقوله (شعبي في عيوني) في تعبيرين يقتربان للحياة اليومية السعودية ضمن لمحة عميقة منه -رعاه الله- إلى الوحدة التاريخية بين السعوديين وتَشاركهم في عمليتي توحيد المملكة العربية السعودية وبنائها بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- يعزز هذا التوجه دعوته -حفظه الله- إلى نبز التصنيفات الثقافية والفكرية التي تنخر في نسيج التعاضد والتكاتف وتؤخر عمليات التنمية؛ المهمة الأساس للدولة، تبع ذلك وسبقه الزيادات المالية في الرواتب التي تجاوزت دلالاتها المعنوية الكبيرة أضعاف قيمتها المالية مشيرة بقوة إلى ذلك الولاء والوفاء بين القيادة وبقية الشعب، لقد تفوقت الوحدة التاريخية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- على وقع أزمات سياسية واقتصادية حاكت بلاءً بمنطقة الشرق الأوسط، تلك الوحدة التي وضع قواعدها على مرجعية إسلامية صافية ونقية الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وتشرّبها المجتمع السعودي في تعاملاته ومعاملاته مع الدولة.
لقد قفز المواطن بصفته مكوناً اجتماعياً ومخزوناً تنموياً إلى المقدمة في دائرة الاهتمام وأصبح هناك لقاءً منتظراً بين المواطن والملك عبدالله يهطل بكثير من العطاء من أجل مستقبل كريم للوطن، إن الفترة الفاصلة بين يوم وطني وآخر هي احتفاء بالوطن في كل أيامها حيث لا يخلو يوم من حدث حضاري أو إنجاز وطني أو احتفاء دولي بالمملكة العربية السعودية لكن اليوم الوطني توثيق وتذكير بكل هذه المنجزات على المستويين المعنوي والمدني المحسوس وبالتالي مراجعة للعلاقة بين المواطن والوطن في عطائه وإنجازاته ضمن دوره تجاه ذلك الوطن لا في ولائه، فالولاء مستكين لدى الجميع، وظل هذا التوازي والتناغم بين دور المملكة العربية السعودية في الفعل العربي والإسلامي وفي القرار الدولي و الرفاه الاقتصادي والاجتماعي في الداخل ميزة ظلت الأسطع في المشهد السعودي منذ تأسيسها على المبادئ الربانية الإسلامية لا الأسس البشرية القابلة لعوامل تعرية الزمن وتغير الحال.
تمر ذكرى اليوم الوطني لهذا العام متزامنة مع الذكرى السادسة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله سدة الحكم وكلاهما في نسيج واحد ذروة سن أمة المواطن، لكنها ست سنوات مملوءة بالإنجازات الكبيرة في مجالات مسيسية بحياة المواطن من التعليم والصحة والتوظيف والاقتصاد وأعمال البر والخير التي تؤكد على مبدأ التكافل الاجتماعي والتداعي في الجسد الواحد للعضو الواحد، لكن إقرار توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحرم المكي الشريف والمطاف خلال الثلاث سنوات المقبلة هي العلامة البارزة لأنها الأكبر في تاريخ الأماكن المقدسة والواجب التاريخي على الدولة والمواطن لخدمة الإسلام والمسلمين بالرفع من الخدمات المقدمة لحجاج البيت العتيق والمعتمرين، وامتداد لما أقره الملك عبدالعزيز -رحمه الله- على المملكة العربية السعودية منذ يومها الأول بخدمة الحرمين الشريفين.
هي فرصة لكل مواطن أن يستذكر مع أيام عام كامل مضى بين يومين وطنيين؛ كم قدم لنا هذا الوطن الشامخ، وكم قدمنا له، وهي فرصة سانحة لنستحضر القيم التاريخية التي قام عليها وطننا الغالي لنعمل بيد واحدة وقلب واحد لخدمته ورفع دوره داخلياً وخارجياً ونستلهم من هذا اليوم مبادئه للعمل باتجاه المستقبل وبناء جيل من المجتمع والإنجازات بفخر وعزة ذلك أن المملكة العربية السعودية تحتضن الحرمين الشريفين وتلك منزلة كرّمنا بها وشرفنا بها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية -حفظهم الله-.
كل عام ووطننا أشم ضد الناعقين، وأعظم بأبنائه، وأكبر بإنجازاته.
الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز